عن تدوينة لـ ‘عماد فواز’
دروب “فاس” ووجوه الناس.. حكاية من لحم ودم
.
المدينة القديمة في فاس كتاب حكايات.. كتاب عمره 1231 سنة، خطوط الزمن منقوشة في كل شيء، مكتوبة في كل مكان، 12 قرنا أيامها طويلة، وكل يوم ترك قبل أن يمضي شيء.. لذلك تشعر بفعل الأيام كلما تعمقت داخل دروب المدينة التي تأسست عام 789م، شمال وسط المغرب.
الطالعة الكبيرة، ليس مجرد شارع كبير مستقيم تقريبا يقطع مدينة فاس القديمة من شرقها لغربها، هو قلب المدينة النابض، محور حياتها، منه تبدأ الحياة اليومية، وإليه تنتهي، الحوانت متراصة.. متلاصقة.. ترتكن لبعضها كشيوخ علمهم الزمن، التجار والزبناء في حالة انسجام، حالة لا تجدها إلا في المدينة العتيقة في فاس، وتحديدا في الطالعة الكبيرة.
محال بيع المشغولات اليدوية والمصنوعات التقليدية هي الغالبة تقريبا، السياح من كل مكان وكل جنسية يتجولون الأزقة الضيقة ويقلبون البضاعة بآنبهار.. بمحبة تلحظها في عيونهم، من بداية الشارع عند باب بو جلود، وباب المحروق في الغرب، تجد ما يستحوذ على اهتمامك، وكلما تعمقت في الشارع تجد شيئا خفيا يتملك أحاسيسك إلى أن تصل منتشيا هائما منشرحا عند مدرسة العطارين شرق المدينة – قرب جامعة القرويين- أقدم جامعة تعمل حتى الان في العالم.. رحلة كتلك التي كنا نشعر بها عند اندماجنا في قراءة قصص الأساطير حين كنا صغارا.
الجمال والآصالة تكتمل عندما تأخذك قدماك إلى شارع الطالعة الصغيرة، الموازي لشارع الطالعة الكبيرة، هو أصغر قليلا كما يكشف اسمه، يبدأ من باب بو جلود وينتهي بمنطقة عين العلو قرب مسجد الشرابليين.. حوانت تصنع تاريخا وليس سلع تقليدية فقط، نجارين، نحاسين، صناع جلود وخياطين، يخرجون قطعا فنية تعلموا أصول صنعتها داخل أسوار المدينة القديمة، ورثوها من شيوخ الصنعة القدامى، صناع تركوا تاريخاً، يشبه أسوار المدينة، يشبه مبانيها، يشبه زاوية مولاي إدرس الثاني، – شى لله يا آهل البيت-، وقصبة النوار، ومسجد سيدي لزاز.. جولة تترك في النفس شيء وفي الذاكرة أشياء عن فاس ووجوه الناس.. حكايات من لحم ودم.
الكلام عن فاس طويل، كتبت عنها كثيرا هنا في الصفحة، وفي صحيفة “الوطن” القطرية، كتبت القليل ويبقى الكثير في فاس يستحق الكتابة عنه.. يتبع