مداخلة السيد شاوي بلعسال
رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي
جلسة مناقشة التصريح الحكومي
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد الرئيس المحترم
السيد رئيس الحكومة المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمون
السيدات والسادة النواب المحترمون.
يسعدني أن أتدخل باسم الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، في مناقشة البرنامج الحكومي الذي تقدم به السيد رئيس الحكومة المحترم، وفقا لمقتضيات الفصل 88 من الدستور.
بداية أتوجه بالتهنئة الخاصة للسيد الرئيس المحترم على عودته المباركة لرئاسة مجلسنا الموقر متمنين له كل التوفيق والنجاح، كما أهنئ كافة النائبات والنواب الفائزين في انتخابات8 شتنبر: الجُدد، والعائدين على الثقة الديمقراطية التي حصل الجميع عليها من قبل الناخبات والناخبين.
ونبارك للسيد رئيس الحكومة الصدارة التي حصل عليها حزبه التجمع الوطني للأحرار في هذا الاستحقاق الوطني، التاريخي وتشريفه من طرف صاحب الجلالة برئاسة الحكومة؛ وبهذه المناسبة نهنئ جميع أعضائها بالثقة المولوية، متمنين التوفيق للجميع في أداء مهامنا الدستورية بكل مسؤولية وفعالية وتجاوب سريع مع انتظارات المواطنات والمواطنين المغاربة في مناخ تسوده الثقة وروح التفاؤل والإيجابية.
السيد الرئيس،
إن تواجدنا جميعا اليوم، في هذا الموعد الزمني الديمقراطي يعود للنجاح الذي حققته بلادنا، والرهان الذي كسبته يوم ثامن شتنبر التاريخي بكل إصرار وتصميم، رغم الإكراهات والتحديات الوبائية والصحية، وتداعياتها والضغوط الخارجية الموجهة لبلادنا من مختلف الجهات؛
وبكل إعتزاز ربح المغرب، ملكاً وشعبا ومؤسسات وقوى حية هذا الرهان وبرهن للجميع على تفوقه في تحصين نموذجنا الديمقراطي النموذجي وتصميمنا على مواصلة بناء ورش الاختيار الديمقراطي الوطني مهما كانت الظروف والصعوبات والتحديات، موعد ديمقراطي تميز بمشاركة واسعة ومكثفة.
مما لا شك فيه أن جميع القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شاركت في هذا الورش الديمقراطي الوطني تلقت وسجلت بوضوح، الرسائل والمطالب والانتظارات التي عبر عنها المواطن المغربي عبر جميع الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات والدوائر الانتخابية؛ كما لامس الجميع مستوى الوعي الاجتماعي السائد في مغرب اليوم والذكاء السياسي والممارسة الانتخابية المتطورة التي طبعت الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة؛ والتي تدعونا جميعا إلى التعامل مع هذه المخرجات المسجلة، بكل جدية ومسؤولية وتجاوب سريع وميداني واحترام للوعود المعلنة، وبنفس إصلاحي عميق وانفتاح مستمر على نبض الشارع وديناميته في إطار من المسؤولية الجماعية والمشتركة برلمانا وحكومة أغلبية ومعارضة، ومجتمعا مدنيا باستحضار للمصالح العليا لبلدنا، وتعزيزا لاستقرارها، ونموذجها الديمقراطي والرائد في المنطقة؛ وتكريسا لنموذجنا التنموي الجديد الذي أنتجه المغرب بجميع مكوناته وقواه الحية، بدعوة كريمة من صاحب الجلالة أدام الله عزه ونصره.
السيد الرئيس،
إن مناقشة فريقنا الدستوري الديمقراطي الاجتماعي الذي جمعته شراكة ناجحة مع فريق التجمع الوطني للأحرار خلال الولاية التشريعية العاشرة؛ حيث يأخذ بكل اعتبار واعتزاز هذه التجربة الناجحة في الإنسجام والتعاون المشترك والقواسم المشتركة حول العديد من المواقع والقضايا التي نستحضرها بكل موضوعية في مناقشتنا للبرنامج الذي أعلن عنه السيد رئيس الحكومة، حيث وجدنا فيه العديد من القضايا والمبادرات التي تبنيناها في برنامجنا الإنتخابي، أو في المذكرات التي ساهمنا بها في بلورة النموذج التنموي الجديد، كأولويات إجتماعية واقتصادية، وإصلاحية تشكل مجالات للتوافق والإلتقائية وتهدف إلى تعزيز كرامة المواطن، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والمجالية، ومواصلة بناء المؤسسات الترابية الفاعلة من جهوية متقدمة وتنمية ترابية شاملة ومدمجة ومنصفة، والسعي نحو بناء ركائز الدولة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي والأسري عبر تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وتنمية الرأسمال البشري انطلاقا من مدرسة تكافؤ الفرص إلى تأهيل الرأسمال البشري تربية وتكوينا وتعليما ورياضة وثقافة وقيما مجتمعية.
- إضافة إلى ما سبق، فإن مناقشتنا لهذا البرنامج الحكومي تستدعي استحضار مجموعة من المرجعيات المؤطرة للمرحلة الراهنة،
أولا: تسريع استكمال تفعيل المقتضيات الإصلاحية لدستور 2011. المتعلقة بالإنسان وحقوقه المتنوعة وأوضاعه وحالاته ومتطلباته وتوفير متطلبات العيش الكريم والآمن والمستدام، في مناخ صحي سليم، وديمقراطي؛
ثانيا: تنزيل مضامين ومحتويات النموذج التنموي الجديد، بهدف تدارك الخصاص وتجاوز الاختلالات في منظوماتنا التنموية والتدبيرية والإنتاجية والتكوينية، وترتيب الأولويات المجتمعية المرحلية، وإعداد الرأسمال البشري وتأهيله لمواجهة مختلف التحديات والإكراهات وتسليحه للاعتماد على النفس والإستقلالية في تملك مستقبله، والتجاوب السريع مع الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية والفئوية.
ثالثا: إذكاء روح اليقظة والحس الأمني الدائم إزاء مختلف المخاطر البيئية وتقلبات المناخ، المخاطر الصحية والأوبئة، المخاطر الأمنية والاضطرابات الاجتماعية والخارجية المهددة لمناخ الاستقرار والطمأنينة والاستدامة.
رابعا: التجاوب والالتزام مع الخطاب الملكي السامي المتميز بروح المبادرة والاستباقية والتوجيه والتأطير لمختلف المؤسسات والهيئات والفاعلين العموميين، خطاب يتميز بخيط ناظم وبعد استراتيجي توجيهي وتصحيحي لمكامن الخلل والتركيز على نقاط القوة والضعف في مختلف منظومتنا وبرامجنا المتنوعة؛ وآخر هذه الخطب المرجعية؛ خطاب افتتاح الدورة التشريعية الأولى للولاية التشريعية الحادية عشرة؛ حيث رسم هذا الخطاب خارطة طريق المرحلة المقبلة بكل وضوح.
وانطلاقا من هذه المعطيات والحقائق، قمنا بقراءة موضوعية لمحاور وعناصر البرنامج الحكومي للولاية التشريعية والحكومية الحادية عشرة، مستحضرين كذلك الهندسة السياسية لمكونات الحكومة وللهندسة التنظيمية للمؤسسة الحكومية وقطاعاتها ومستجداتها ومدى توافق هذه الهندسة مع مضامين البرنامج الحكومي وأولوياته؛ حيث يتبين بوضوح وجود تناسق بين هذه البنية الحكومية وهذه الأولويات ووجود ملامح للانتقال نحو العقلنة والترشيد في الهندسة التنظيمية الحكومية، وبهذه المناسبة نلح على مواصلة هذا التوجه على المستوى التنظيمي الإداري، بتجويد وإدماج الهياكل الإدارية القطاعية لتشكيل منظام موحد مركزيا وترابيا، وتفويضا للاختصاصات ونقلها إلى الجهات تفعيلا لميثاق اللاتركيز الإداري.
السيد الرئيس،
إننا فعلا أمام برنامج حكومي عاكس بصدق ومعبر عن مختلف القضايا والأولويات المطروحة للنقاش العمومي في الساحة الوطنية منذ الإعلان عن بلورة النموذج التنموي الجديد الذي تمخض عن تقديم والإعلان عن تقرير لجنة النموذج التنموي، أو النقاش الذي رافق تطور انتشار جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وكذا النقاش المؤطر للاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
ونؤكد مرة أخرى على أن مكونا الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي يجدان نفسيهما وتصوراتهما السياسية والاقتصادية والاجتماعية ضمن محاور وعناصر كثيرة في البرنامج المعروض على أنظار مجلسنا الموقر، وأنه برنامج طموح ، وذو بعد إصلاحي تنموي نوعي وعميق وواقعي يقدم من الضمانات والوعود، المدعمة بالمعطيات والمواعيد المعزّزة لوضع الثقة في مضامينه وأولوياته، والتفاؤل في نتائجه المنتظرة لصالح جميع المغاربة ولصالح جميع فئاته النشيطة والمتطلعة إلى آفاق الشغل و التشغيل أفرادا ومقاولات ناشئة وصغيرة ومتوسطة .
برنامج يفتح آفاقا وفرصا لتعزيز الطبقة الوسطى والحد من الفوارق والتفاوتات والمزيد من العناية بالمناطق والمجالات المقصية من تكافؤ الفرص كالمناطق الجبلية.
وفي مجال تعميم تكافؤ الفرص والحد من التفاوت المجالي المجتمعي نثير الانتباه إلى أولوية تعبئة الجهود لتقليص الفوارق في المناطق الحضرية بين مراكزها وهوامش هذه المناطق التي تشكل بؤرا لإنتاج البؤس والفقر والخصاص في التأطير والإدماج.
إن معالجة الفضاءات ذات الكثافة السكانية المرتفعة الباحثة عن فرص العيش والاستقرار بكل الوسائل تتطلب عناية مكثفة وتوجيها إراديا للإمكانيات لإدماجها في المنظومات الحضرية وسوق الشغل وإدماجها في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتكوينية.
ويقدم البرنامج الحكومي الذي بين أيدينا حلولا اجتهادية مبتكرة ببعد اجتماعي إدماجي واعد، نشير على سبيل المثال إلى إحداث الدخل الاجتماعي لحفظ تماسك وكرامة الانسان المغربي: “مدخول الكرامة “لفائدة المسنين وتقديم التعويضات الاجتماعية لكل الاسر المعوزة، والدعم الموجه للأشخاص في وضعية إعاقة على مدى الحياة، واعتماد طبيب الأسرة كمبتدأ لمسار الرعاية الصحية.
مما لاشك فيه أن هذه السلسلة من المبادرات الاجتماعية والصحية ستمكن شرائح واسعة من المجتمع للولوج إلى الانتفاع من الخدمات الصحية والاجتماعية.
إننا فعلا أمام ولاية حكومية “إجتماعية بامتياز” بعدما توفرت جميع الشروط القانونية والتنظيمية والآلية لتنزيل هذا الورش الإصلاحي الوطني المنتظر أن يشكل رافعة محركة للنهوض بالتنمية الاجتماعية الشاملة وتقليص الفوارق ودعم الطبقة الوسطى.
هذا الورش يتطلب تنزيلا متسارعا ناجعا واحتراما للزمن السياسي المبرمج، وتقديم أجوبة فعلية لانتظارات المستهدفين والمنتفعين من هذا الورش الإصلاحي المجتمعي الذي أعلن عنه ودشنه صاحب الجلالة نصره الله ويتابعه بكل عناية ورعاية.
السيد الرئيس المحترم،
السيد رئيس الحكومة المحترم،
لا يفوتنا ونحن نناقش هذا البرنامج الذي بين أيدينا دون إثارة موضوع السيادة الوطنية بأبعادها الاستراتيجية وخاصة السيادة الغذائية التي تضمن لنا الأمن الغذائي والإكتفاء الذاتي من حاجياتنا الاستهلاكية، وقد برهنت أزمة كوفيد-19 عن قدرات المغرب في هذا المجال الأمني خلافا لبلدان كثيرة عانت من الخصاص الغذائي خلال هذه الأزمة.
كما علمتنا الأزمة الوبائية طرح مسألة السيادة الصحية لبلادنا بتطوير الصناعات الطبية والخدمات المرتبطة بها، والتي أصبحت تشكل مجالا حديثا للتطور الصناعي البيولوجي والدوائي والبيوتقني، ومجالا للتشغيل في إنتاج المستلزمات الصحية والعلاجية، هذا التحول فرضته جائحة كورونا، ولأن طرح مسألة السيادة الوطنية في هذه الأجواء من التنافسية الدولية والبحث عن التموقع في النظام الدولي قيد التشكل لها وقع إيجابي جيد على التماسك الوطني وتعزيز الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية في مواجهة مختلف التحديات المحيطة والمخاطر المحتملة.
وإننا في فريقنا نساند بكل قوة كل ما يخدم سيادتنا الوطنية أمنيا وصحيا وغذائيا حماية لمصالح بلدنا وتعزيزا لأمننا الاجتماعي واستقلاليتنا.
وفي إطار العناية بمختلف مكونات المجتمع المغربي وفئاته نثير الإنتباه إلى الجالية المغربية المقيمة في الخارج كمكون اجتماعي نشيط ودينامي وحامل ثقافي للحضارة في اتجاهين، ومصدر للموارد المحولة على مدار السنة، تحويلات مالية وعينية ومصدر للتضامن الاجتماعي والعائلي، يجب العمل على إستدامته وتنميته والإستثمار في الأجيال المتعاقبة للجالية، كرأسمال بشري مؤهل ومفيد للوطن علميا، وتقنيا، ورياضيا، وسياحيا؛ واجتماعيا.
في ختام مداخلتنا لا يسعنا إلا أن نجدد تعبير فريقنا للسيد رئيس الحكومة المحترم على الثقة الخاصة التي يتمتع بها لدى هيئتينا السياسيتين، وفي الهيئة الحكومية المعينة بجميع مكوناتها ثقة مبنية على حسن النية السياسية والتفاؤل الإيجابي بما أعلن عنه السيد رئيس الحكومة من الإلتزامات المقرونة بإرادة الوفاء بها خلال هذه الولاية، فإن فريقنا يصادق على البرنامج الحكومي مساندة للسيد رئيس الحكومة المحترم وأعضاء الحكومة المحترمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.