30 سنة مرت على واحدة من الإنتفاضات الشعبية، 30 سنة مرت عندما سال الدم أنهارا بمدينة فاس؛ ففي مثل هذا اليوم من سنة 1990 إرتكبت واحدة من المجازر في حق شعب أراد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ فيوم 14 دجنبر 1990 سيبقى يوما موشوما في ذاكرة الشعب المغربي، باعتباره يوما تاريخيا قدم من خلاله الشعب المغربي آلاف الشهداء والمعتقلين في سبيل تحرره من نير الاستغلال والعبودية؛ فبدل الإستجابة لمطالب الجماهير الشعبية بتخفيض الأسعار وايجاد حلول للبطالة وتحسين الخدمات العمومية التي جاءت سياسة التقويم الهيكلي لتجهز عليها، قرر النظام القائم حينها إنزال الجيش الى الشارع وامطار المنتفضين بوابل الرصاص الحي ليحول احياء وازقة مدينة فاس الى بحور من الدماء.
إن استحضارنا لهذه الذكرى المجيدة ليس من قبيل العادة أو الوقوف على الأطلال والتباكي؛ بل نعتبرها مناسبة لتجديد العهد والسير قدما في دربنا درب النضال والتضحية، اذ تعد انتفاضة 14 دجنبر 1990 التي عبر فيها الشعب المغربي البطل عن رفضه للاقصاء والتهميش، وعن استعداده للنضال والتضحية من اجل حقوقه ومطالبه العادلة واحدة من ملاحم البطولات في تاريخ هذا الشعب الأبي.
نستحضر هذه الملحمة البطولية في ظل إشتداد التناقض بين الرأسمال و العمل المأجور و ذلك بتعمق الأزمة البنيوية للإمبريالية العالمية و تصريفها على كاهل الشعوب المضطهدة عبر التدخلات المباشرة و الغير مباشرة ” سوريا ، العراق ، فلسطين…” و إحتدام الصراع بين الدول الإمبريالية من أجل إعادة تقسيم السوق الدولية للعمل المتجسد في إذكاء النزعات العرقية و الدينية و إنشاء كيانات جديدة لرسم خريطة جيوسياسية لتعبيد الطريق نحو المزيد من النهب و الاستلاب لخيرات الشعوب خصوصا مع إجهاض حلم التغيير الديمقراطي و الإلتفاف على المطالب السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية لشعوب المنطقة بصعود قوى الثورة المضادة و عودة فلول الأنظمة الاستبدادية البائدة في مجموعة من البلدان ” الجزائر / تونس / …” و تسعير النعرات الطائفية في بلدان أخرى ” سوريا / ليبيا / اليمن / لبنان / العراق …” بدعم مكشوف من الإمبريالية العالمية و الأنظمة التبعية.
30 سنة مرت على الإنتفاضة الشعبية بوطننا الجريح ولازال الشعب الفلسطيني يدافع عن قضيته العادلة التي ستظل قضيتنا الوطنية؛ حيث تشهد هذه المرحلة تطبيعا خطيرا ومكشوفا للأنظمة الرجعية مع الكيان الصهيوني سياسيا ، اقتصاديا و ثقافيا فيما يطلق عليه بصفقة القرن( تطبيع نظام الإمارات المتحدة، تطبيع النظام القائم بالمغرب…)، لتبقى المقاومة الحقيقية التي جسدها و يجسدها أبناء الشعب الفلسطيني البواسل دفاعا عن الحق في تقرير المصير و التحرر من بطش الغطرسة و الاستعمار الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
وفي ظل وضع اجتماعي يزداد سوءا يوما بعد يوم، وتكريس المزيد من الفوارق الطبقية التي لا تختلف في شيء عن تلك الشروط التي ادت إلى انتفاضة 14 دجنبر، حيت الوضع الحالي المتسم بإستمرار النظام القائم بالمغرب في سياساته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية و تطبيق إملاءات أسياده الامبرياليين عبر تمرير قانون مالية 2020، قانون الإطار 51 _17 …إلخ و تنزيل المزيد من المخططات الطبقية التصفوية بقوة الحديد و النار ” قانون التقاعد / قانون الإضراب / قانون التعاقد / الرؤية الإستراتيجية 2015/ 2030 …” للقضاء على ما تبقى من المكتسبات التاريخية للشعب المغربي و ذلك بمباركة خدامه الطيعين من الأحزاب الرجعية والمتخادلين/المتكالبين على مصالح ومطامح الشعب المغربي في التحرر والإنعتاق.
وأمام هذا الهجوم الذي لم يزد اﻻ تكريس واقع البؤس والتجويع لم تقف الجماهير الشعبية مكتوفة الأيدي بل قاومت رغم تكثيف النظام القائم لهجومه على الحريات السياسية و النقابية و قمعه كل الحركات الاحتجاجية ( الحركة الطلابية، الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، حركة الممرضين …) الرافضة لسياسة الركوع و الخنوع.
وبالرغم من حجم الإعتقالات و المحاكمات الصورية التي يحيكها النظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي في حق خيرة أبناء الشعب المغربي في محاولة يائسة منه لإقبار الزخم النضالي لجماهير شعبنا عامة، فقد أبانت الجماهير الشعبية عن صمود منقطع النظير بتسطيرها ملاحم نضالية بطولية ” الحركة الإحتجاجية بالريف، الحركة الإحتجاجية بجرادة، الأراضي السلالية، حركة المعطلين عبر إطارها الجمعية الوطنية، الحركة الاحتجاجية ببلدة بني تجيت …” مما يفند الشعارات المزعومة للنظام القائم ” الإنصاف و المصالحة / الاستثناء المغربي ..” و يبين الفشل الذريع في المقاربة التنموية التي أكد الخطاب الرسمي فشلها.
إن هذه الانتفاضات ابانت من خلالها الجماهير الشعبية عن طاقة خلاقة بهرت حتى الأعداء، فقد قاومت وصمدت حتى أخر لحظة في وجه الأجهزة القمعية للنظام القائم، بالإضافة إلى أن التضحيات الجسيمة التي قدمت في مسيرة التحرر، وبالخصوص انتفاضة 14 دجنبر تفرض علينا المزيد من الحزم في التعاطي مع إشكالات الجماهير الشعبية والنضال من أجل الدفاع عن مطالبها العادلة في الحرية والعيش الكريم.
وفي الأخير نؤكد على أن الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب ستظل حاملة لمشعل النضال ضد البطالة في تحد تام للحظر القانوني المفروض عليها سيرا على نهج شهدائنا الأبرار، كما نعلن في المكتب التنفيذي للرأي العام الوطني و الدولي ما يلي :
تشبثنا ب :
_ الممثل الشرعي إطارنا العتيد الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب و بهويته الكفاحية و التقدمية .
_ حقنا في الشغل القار و التنظيم .
مطالبتنا ب :
_ الاعتراف القانوني بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب .
_ حوار مركزي جاد و مسؤول على أرضية مذكرتنا المطلبية .
_ الكشف عن قبر الشهيد مصطفى الحمزاوي ومعاقبة الجناة .
_ معاقبة الجناة الحقيقيين في اغتيال الشهيد كمال الحساني و شهداء الحركة الاحتجاجية بالريف و حركة 20 فبراير المجيدة وكافة شهداء الشعب المغربي عامة.
_ إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين دون قيد أو شرط.
_ إسقاط المتابعات و مذكرات البحث الصادرة في حق مناضلات و مناضلي الشعب المغربي .
_ رد الإعتبار للأمازيغية كمكون أساسي من هوية الشعب المغربي .
إدانتنا ل :
_ الإنزال القمعي والترهيب والحصار الذي ضرب علينا بالمعركة الممركزة بفاس يومي 11/10 دجنبر 2020.
_ القمع المسلط على نضالات كافة فئات الشعب المغربي و للتضليل الممنهج الممارس من طرف الإعلام الرسمي .
_ المحاكمات الصورية التي تطال مناضلات و مناضلي الشعب المغربي .
_ التضييق على حرية الرأي و التعبير .
_ لكل أشكال التطبيع التي قام ويقوم بها النظام القائم بالمغرب مع الكيان الصهيوني.
تضامننا مع :
_ نضالات الشعوب التواقة للتحرر والإنعتاق وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني البطل.
_ نضالات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، نضالات الحركة الطلابية، نضالات حركة الممرضين، …
_ كافة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم.
دعوتنا ل :
_ مناضلات و مناضلي الجمعية الوطنية إلى الإلتفاف حول إطارهم الشرعي ج و ح ش م م.
_ كافة الاطارات الديمقراطية والتقدمية وعموم المناضلات والمناضلين إلى وحدة الصف من أجل الدفاع عن مطالب الشعب المغربي.
تهانينا ل :
_ رفاقنا ببلدة بني تجيت الصامدة وعائلاتهم على معانقتهم الحرية وتشبتنا ببرائتهم وبراءة المعتقلين السياسيين خالد بنعزوزي و عبد الله السعيدي من التهم المفبركة والملفات المطبوخة.
_ لكل مناضلات ومناضلي إطارنا الصامد والمكافح وعبرهم كافة الإطارات الداعمة لنضالاتنا و مساهمتها في إنجاح المعارك الوطنية الأخيرة (معركة التأسيس والشهيد كمال الحساني، معركة الإعتقال السياسي، معركة الشهيدتين نجية أدايا وسعيدة المنبهي).
عاشت الجمعية اطارا صامدا ومكافحا.
المجد والخلود للشهداء.
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين.