قد لا يتم وصف عيد أضحى عام (كورونا) بالأجواء الاحتفالية بما مضى (يا عيد)، قد نحس جميعا بأن نكهة الفرحة المتكاملة غير مستقيمة ويعتليها التنبؤ والتخوف الحاضر من تفشي الفيروس بمتسع لم يلمسه لحد الآن (الأرياف والقرى والبوادي). هذا هو التخوف البارز من منزلقات وخيمة للوباء ممكنة الوقوع بالتنبؤ الموضعي، ولم يصبح هذا المعطى من تكهن الدولة بل اعتلى تخوفات الانتظارية حتى في حديث المواطنين بناء على تلك الأرقام القياسية التي تم تسجيلها مؤخرا (811 حالة).
قد نكون ممن يطبل بحمل ميكرفون مصور ويستقي استجوابات شريحة ممن يتواجد بالأسواق الشعبية والاستماع إلى: (الحمد لله الخير كاين الخير… والحولي موجود أكثر من البشر… الثمن رخيص وفي متناول الجميع ولي باغي يعيد في هاذ العام ممكن … الحولي سمين وزين… والكساب والشاري يحترمون التباعد الاجتماعي …ودايرين الكمامة…). واقع السوق المتحول بالحقيقة الواقعية يكذب كل (الكبسولات) التي تمررها القنوات العمومية وغير العمومية، واقع الحال يلقي بالمواطن في وسط زحام بلا كمامات و لا تباعد جسدي، واقع الحال أن أغلب المواطنين (تيمشيو) للسوق أكثر من مرة و(تيرجعو) خاويين الوفاض بلا خروف ولا حولي، وهم في حزن من جفاف الجيوب لا السوق… واقع الحال مهما انخفض الثمن فهو لا يزال في غير متناول شريحة كبيرة من الشعب الذي يحب تأدية السنن المؤكدة وإسالة الدم.
عيد الاستثناءات الكلية: الأزمة الصحية، الأزمة المالية، الأزمة النفسية، الأزمة الحكومية في تدبير الأزمة، فضلا عن أزمة قاتلة في انسيابية الحركة والسفر بين المدن غير المتحكم فيها. هي ذي الأجواء التي تعيشها الدولة والأسر المغربية في ظل عيد سنة (كوفيد 19) بامتياز المخاطر، هي ذي المعطيات التي يجب الاشتغال عليها في الحد من وضعية التنقلات العشوائية وبروز (حراكة) بين مدن (المنطقة 1و2)، هي ذي المعطيات التي يجب الحد من تسيبها قبل فوات الأوان ونحن نشهد هجرات على الأرجل للوصول إلى نقط المناطق (1) لامتطاء النقل العمومي بدون سند مغادرة موقع من السلطات العمومية.
كانت هي عادات المغاربة في تجمع العائلة حول مجمر (بولفاف)، كانت هذه العادات سليمة اجتماعيا في ظل الوفاء للعلاقات التقليدية التي لازالت تسيطر على سلوكيات الأسر المغربية بالارتباطات الموسمية، وأنماط العادات المستنسخة من ماضي(المجتمع الأبيسي). اليوم في وضعية الاستثناء وعواقب انتشار الوباء ببؤر متنوعة وصلبة الوصول إليها بات من الأفضل إعلان (حجر صحي) محدد في الأيام والأقاليم والجهات، بات لزاما تصويب نشرات الإخبار نحو ( ابق في مدينتك، تقي نفسك ووطنك)، بات على الدولة استرجاع هبتها في المراقبة والضبط ، وعدم التهاون أو التراخي مع أية مخالفة مهما كان حجمها، بات على تلك الحملات التحسيسية بالأحياء الشعبية أن تغير من خطابها بمكبرات الصوت القوية نحو خلق وعي يجمع بين الأداء الفردي والجماعي في استعمال الكمامة والإبقاء على التباعد الاجتماعي، بات على فقهاء المنابر والمجالس العلمية التعريف بسنة العيد، وأخذ الحيطة من أسس مقاصد الشريعة في المحافظة على الأنفس بدل رغبة إسالة الدم.
من منطق العقل والتعقل عدم السفر حتى ولو بالمنع وتفعيل سلطة القانون، من الرزانة عدم الاندفاع نحو التهلكة وتعريض الأمن الصحي للدولة والمواطنين للخطر، من قوة القانون تدخل السلطات العمومية بحزم والحد من تسيب مظاهر غير محافظة على الأمن الصحي الوطني، من خلل القرارات التسرع في التخفيف وفتح المناطق دون رقيب ولا هندسة وبائية، من السنن الأكيدة أن يمتثل الجميع لأوامر الدولة بلا مزايدات و لا بوليميك معاكس.
بلغنا تعداد عام 1440ه تم فيها التضحية بقربان الكبش الأملح الأقرن بأمن وأمان، فلا نجعل من عام 1441ه سنة للتضحية بالأنفس البشرية (الطايح كثر من النايض)، فالحيطة لازمة من الدولة ومن المواطنين على السواء، الحيطة لازمة على أصغر نواة اجتماعية وهي الأسرة (كلها يعيد في دارو ومديمنتو).