كشفت حالات التشهير الأخيرة، بالإضافة إلى الابتزاز عبر أنظمة المعلومات، عن ظهور نمط إجرامي جديد تقوده شبكات منظمة مقرها في كندا وإيطاليا، ولها علاقات بالمغرب. وتتكون هذه الشبكات من وسطاء ومساهمين مهمتهم الرئيسية التفاوض على الابتزاز وجمع العائدات الإجرامية، وضمان تسليمها إلى المبتزين خارج البلاد.
- تزايد الأنشطة الإجرامية
وأدى تصاعد هذا النمط الإجرامي ونجاح العديد من عمليات الابتزاز إلى انتشار العديد من الصفحات والقنوات الافتراضية التي تدعي محاربة الفساد من خارج البلاد. وتحمل هذه الصفحات أسماء مثيرة ومثيرة مثل “الفرشة” و”تحدي” و”الفضيحة” و”سؤال” و”الشروق نيوز” وغيرها.
- منتحلي الشخصية عبر الإنترنت
في الآونة الأخيرة، ظهر في الفضاء الرقمي أفراد يختبئون وراء شعار “محاربة الفساد” في المغرب من دول أجنبية. ويزعمون أنهم يمتلكون ملفات حساسة وتحقيقات جدية حول موظفين عموميين وبرلمانيين وقضاة وأطباء ومحامين وأفراد أمن ورجال أعمال وهيئات منتخبة وتجار مخدرات ووسطاء محاكم وغيرهم.
- التهديدات والإكراه
يدعي أصحاب الصفحات هؤلاء أنهم يعرفون عن ضحاياهم أكثر مما يعرفه الضحايا عن أنفسهم. كما يتفاخرون بوجود فريق كامل من المحققين الذين يقومون بجمع الملفات والمعلومات عن الضحايا المزعومين، من أجل الإيقاع بهم في أكاذيب خادعة وتعريضهم لخيارين: إما الاستسلام للابتزاز أو مواجهة التشهير العلني.
- استغلال نقاط الضعف
ولسوء الحظ، تمكنت هذه القنوات من ترسيخ أسمائها في الفضاء الرقمي، وذلك في المقام الأول لترهيب الأفراد من خلال التشهير، ونجحت في ابتزاز وإكراه المسؤولين ورجال الأعمال والبرلمانيين الذين اختاروا حماية سمعتهم بالمال، مما ساهم دون قصد في نمو الكيانات الإجرامية. متخصصة في جرائم الياقات البيضاء.
- تقارير وسائل الاعلام
كشفت تقارير إعلامية كندية حديثة عن ملفات أصحاب قنوات مثل “الفرشة” و”التحدي” و”سؤال”، وكشفت عن الصعوبات المالية التي يواجهونها بسبب تراجع أعمالهم أو مشاريعهم، مما يجعل من الصعب على البعض حتى دفع الإيجار في كيبيك، كندا.
علاوة على ذلك، نشرت تقارير إعلامية إيطالية أحكاما ضد بعض أصحاب هذه الصفحات الافتراضية، تدينهم بارتكاب جرائم مالية تتعلق بعمليات ابتزاز وتشهير مشبوهة باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة.
ويؤكد حكم المحكمة الإيطالية الأخير بشأن إدريس فرحان، المقيم في بريشيا، على العامل المشترك المتمثل في “البطالة والمصاعب المالية” كدافع للانخراط في الابتزاز والتشهير.
فقد أدان القضاء الإيطالي إدريس فرحان في سنة 2023، بسبب ركونه إلى الابتزاز في أكثر من خمس مناسبات، وكان ضحيته صاحب شركة متخصصة في سيارات نقل الأموات، وهو ما يوضح بشكل جلي بأن الرغبة في تحصيل المال هو المبتغى الأساسي من الإسهاب في نشر الإشاعات والأخبار المضللة.
وهي حقيقة تعزز الفضيحة الأخيرة التي تورط فيها إدريس فرحان، والتي كشفت كيف كان يحصل على مبالغ مالية دورية غير مستحقة، من الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، والتي كانت هي مصدر إعاشته الاعتيادية، ومورد عيش أسرته بإيطاليا.
- استخدام التكتيكات الإجرامية
تشير التقارير إلى أن الأفراد الذين يقفون وراء هذه القنوات والحسابات الابتزازية يستخدمون عادةً أسلوبين إجراميين لإعداد ضحاياهم للوقوع في العنصر المادي للابتزاز.
- نشر معلومات كاذبة
يتضمن التكتيك الإجرامي الأول نشر سلسلة من الأخبار والشائعات حول الضحية المفترضة، والتي ليست بالضرورة صحيحة. غالبًا ما يتم الحصول على هذه المعلومات من الأفراد الساخطين في دوائرهم المهنية والاجتماعية. وتعتمد صفحات مثل “تحدي” و”الشروق نيوز” على النشر المكثف والمتزامن أحيانا، لأنها تعلم أن الدعاية كلما كثرت، كلما أصبحت أكثر انتشارا وفعالية.
- الوقوع فريسة
وللأسف، العديد من الضحايا استسلموا لهذا التكتيك الإجرامي خوفا من التشهير وقاموا فعلا بتحويل أموال لأشخاص مثل هشام جيراندو وصاحب قناة “التحدي”، عبر وسطاء تم توقيفهم عليهم مؤخرا من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية و وإحالتهم إلى السلطات القضائية بمختلف المدن المغربية.
الأساليب الإجرامية
- حذف المحتوى التشهيري
ومن خلال تتبع المنشورات والمحتوى الذي ينشره بانتظام هشام جيراندو وغيره من المبتزين، يلاحظ أنهم قاموا في كثير من الأحيان بحذف وسحب بعض المحتوى الرقمي التشهيري بسبب امتثال الضحية للابتزاز وتعرضه لتهديدات تشهيرية.
أما الأسلوب الإجرامي الثاني الذي تعتمده صفحات التشهير والابتزاز، فهو تكليف وسطاء ومساهمين للاتصال بضحاياهم هاتفيا، بدعوى تمثيل صفحات مثل “التحدي” و”الشروق نيوز”. خلال هذه المكالمات، يتعرض رجال الأعمال بشكل خاص للترهيب من خلال إقناعهم بأنهم يمتلكون معلومات تم الحصول عليها من المستخدمين في شركاتهم، والتي سيستغلونها في حملة منظمة لتشويه سمعتهم وسمعة شركاتهم.
العلاقة بين الابتزاز والمخدرات
- العلاقة العضوية
كشفت تحقيقات الشرطة في سلسلة من قضايا التشهير الأخيرة عن وجود علاقة عضوية وتكافلية بين صفحات الابتزاز وشبكات الاتجار بالمخدرات.
- المظاهر الإجرامية
هذه العلاقة المشبوهة بين صفحات التحدي وشبكات الاتجار بالمخدرات، أدت إلى ظهور مظاهر إجرامية مختلفة، مثل قيام هشام جيراندو بنشر فيديوهات تحتوي على اتهامات ضد تاجر مخدرات، مع تقديم اسمه ووصفه ومكان عمله، بدعوى أنه يطلب تدخل جهات تطبيق القانون لتجفيف مصادر تهريب المخدرات.
عن موقع: فاس نيوز