حاوره : د.فاطمة الديبي / ذ.نصر سيوب
ـ “الحب”: الحب يمنحنا الكثير من الحرية والقوة.. به نستطيع تشكيل شخصية الفرد/الإنسان الذي نعدّه للغد.. وبه فقط نستطيع أن نخلّصه من كثير من الشرور وأن نمنح للحياة معنى..
وفي الحب العفيف تقلبت روحي
ففقت هوى جميل بله غيلان
تضاعف فيّ حب الكون قاطبة
بعشق حبيبة يسري بشرياني
أدين بدينه أنى يكون له
مرام، فالهوى ديني وإيماني
وكما قال ابن عربي:
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
ــ “حقيقة الشعر”: ليس على الشعر أن يدخل ساحة المعارك بوجه سافر.. وإن فعل: فسيكون شعر مرحلة يموت بانصرامها.. الشعر ملتزم بالإنسان أولا ولا دخل له بطريقة مباشرة بأصحاب الأهواء والمصالح والصراعات السياسية.. فهؤلاء صنيعة من لا قبل لهم بالإبداع. هناك مسافة دائما بين الإبداع والإيديولوجيا.. الإبداع مثل الدين هو الأشمل والأسبق دائما عن الإيديولوجيا والعلم والسياسة.. وما لا يبدو موقفا شعريا من القضايا في عين السياسي قد يكون هو الموقف السليم.. لأن الشعر والإبداع عموما ليس من وظيفته نقل الواقع وإنما نقل النفوس والأذواق إلى مراتب أسمى لتصنع واقعا أكثر رقيا من مدخل الفن أولا لا من مدخل المواقف الحزبية والإيديولوجية الزائلة.. فالظروف الراهنة ينبغي ألا تنسينا هذا الهدف النبيل للفن والذي به خلد الشعراء الكبار على المستوى العالمي.. أما الموقف الشعري العارض إزاء هذه القضايا التي تهمنا جميعا فتحصيل حاصل/فلابد للمصدور أن ينفث.
ــ “الشعر والنثر”: قال بول فاليري: “الشعر رقص والنثر مشي”؛ فقد ترقص وأنت تمشي أو تمشي وأنت ترقص.. وكلنا نسعى للرقص خالصا لوجه الشعر.. وذاك حلم كل شاعر.
ــ “تنشئتي الشعرية”: تحديد جميع العوامل الكامنة وراء ظهور شاعر أمر دونه خرط القتاد. هناك دائما مناطق مظلمة تتعلق بالموهبة وما يعرف بالإلهام.. غير أن التنشئة الاجتماعية يمكن أن تمدنا ببعض الأجوبة حول مساهمتها في تغذية تلك الموهبة وصقلها عبر الزمن، أما دون هذه الموهبة فمن الصعب إيجاد هذا الشاعر ولو كان الأمر كذلك لكان العقاد مثلا شاعرا.. من الممكن أن يكون الريف بحياته الفطرية وأهازيجه ومواسمه وأفراحه وأحزانه ومعتقداته وجلساته العائلية الحميمية وكل ما يلهب الخيال في أجوائه، أول بذرة في مشروع “صناعة” شاعر، تليه بعد ذلك مراحل الدراسة خاصة الأساسية التي كان فيها للشعر وحفظه وإنشاده داخل الفصل بطريقة جماعية نصيب كبير، بالإضافة إلى الغناء والموسيقى.. ربما كان الناقد الملم بجوانب حياة الشاعر الأقدر على الإمساك بالخيوط التي تحرك القصيد..
ــ “ماذا يعطيني الشعر؟”: يعطيني الشعر أقصى قدر من الحرية لبناء عوالم حالمة أو مدينة فاضلة تتحقق فيها كل القيم النبيلة.. به يحافظ الشاعر على وقدة الخيال وبه يحمل الآخرين إلى عوالمه إن هم أصاخوا إليه.. به وبالإبداع عامة تتجدد الحياة وتتطور وتنكسر القيود في النفس البشرية، وانعدام الإبداع ليس له إلا رديف واحد هو الموت تقليدا واجترارا وضياعا..
ــ “الشعر/الفن والسياسة”: لا سياسة ولا اقتصاد ولا فكر ولا علم يمكن أن يتقدم عن الفن.. الفن أولا ثم تأتي بعد ذلك جحافل العلم والاقتصاد والسياسة كما تشي إلى ذلك بحق الدكتورة خالدة سعيد.. ألم تكن الثورة الفرنسية من ثمار الأدب؟
ــ “القديم والمعاصر”: في الشعر كما في النثر أحببت القديم والمعاصر على حد سواء ودون تفصيل، لأن كتاباتي المنشورة تظهر ذلك. غير أن ثقافتي الأجنبية ضعيفة ولم أمِل للقراءة بها إلا لمصلحة البحث، كما فعلت في بعض ما ترجمته عن اللغة الفرنسية ونشر بعضه في المجلات وبعضه الآخر في الأطروحة..
ــ “الأسطورة والعفوية”: لا أستعمل الأسطورة كثيرا؛ صحيح رغم أن بعض قصائدي تستحضر بعض الأساطير. اخترت نمطا من الشعر أرتاح إليه لأنه يعبر عن شخصيتي وليس من الواجب جلب الأساطير خاصة اليونانية لا لشيء إلا لأن الآخرين يوظفونها.. هذا بغض النظر عن طرائق التوظيف وجدواها. فأنا أميل إلى شعر سهل يتسم بالعفوية ويقبض على المشاعر في حينها ويعنى بالإيقاع ويستحضر التراث العربي الذي يعتبر الأولى في تجديد الهوية وربط المتلقي بماضيه وحاضره ومن خلالهما بمستقبله.. فلكل طريقته ولكل شعر مذاقه الخاص والتنويع إبداع.. ونحن في حاجة لقراءة شعر يأخذ بأيدينا خطوة خطوة ولا يصدمنا بالمعميات.. فخطوات التجديد والتجريب كانت متسارعة جدا صعد بها أصحابها على البرج العاجي وفقدوا المتلقي.. فما جدوى شعر لا يقرأه أحد، وما جدوى إبداع ينفر القارئ من الإبداع؟
ــ “الأولويات”: الأولويات في الحياة تتبادل درجات السلم حسب الظروف فكل مرة تطفو هموم شخصية أو معيشية أو وطنية أو عربية إلى السطح.. والتفكير في هذه لا يعني التفريط في تلك.. والوفاء للشعر أرقى من الوفاء لأقفاص الأحزاب والإيديولوجيات..
ــ “مشاريعي”: مشاريع كتاباتي فيها تحقيق ورغبة في إعادة شرح الدواوين وجمع ما ند من الأشعار، كما فعلت مع بعضها ونُشر في أعداد من مجلة الذخائر اللبنانية. ويبدو أنني الآن وجدت ذاتي في الشعر.. ولا أدري ما يأتي به قادم الأيام..
.. يتبع..
عن موقع: فاس نيوز