” النخب المثقفة وغرور امتلاك الحقيقة” :
إن غرور النخب المثقفة يؤثر سلبيا على المشهد الثقافي، فقد قيل : الغرور مقبرة المواهب، و لذلك لا بد أن نعرف أهمية التواضع، وأن الغرور والكبر والعجب كل هذا منهي عنه في ديننا العظيم.
ــ “الربيع العربي والشعر” :
قبل ما يسمى بالربيع العربي كان هناك شعر، وما زلنا نقرأ ونسمع الشعر، ولكن هذا التغير قد أثر على نفسية الناس وسلوكهم وشتت ودمر، فلا بد أن تظهر آثاره السلبية.
ــ “الشعر وقنوات التواصل الاجتماعي” :
قبل ظهور قنوات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك وغيره) كان النشر مختصا بفئة محدودة من الشعراء، ولذلك فإن هذه القنوات ساعدت الشعراء بإذن الله على الظهور بعد أن كان شعرهم في طي الكتمان. ولكن هذه الحرية في النشر أدت إلى ظهور ما سمي بالابتذال، وهذا بسبب عدم وجود رقابة كافية تصحح الأخطاء، وهذه الرقابة مسؤولية النقاد.
ــ ” أزمة تشابه في الصوت الشعري” :
تشابه الرموز لا يعني أن هناك أزمة، فهناك رموز مشتركة لا تختص بشاعر، لأن هذه الرموز قد يختلف مدلولها من شاعر لآخر. ولا يستطيع الشاعر أن ينهض على قدميه في ساحة الشعر إلا إذا كان أصيلا مستقلا.
ــ “هل الوزن قيد؟” :
في الشعر الموزون عموديا أو شعر التفعيلة يضطر الشاعر أحيانا إلى استخدام مفردات لا يريد استخدامها، لأن المفردات التي يريد استخدامها تكسر الوزن الشعري، وكذلك هو يلغي فكرة أراد التعبير عنها لأن الوزن لا يستقيم عند استعمالها، وكذلك الأمر مع الصور الفنية، لذلك يلجأ بعض الشعراء إلى الشعر النثري الذي يخلو من الوزن، ولكنه يحتوي على موسيقى داخلية أو إيقاع. ولكن هذا ليس عذرا في ترك الشعر الموزون أو محاربته أو الدعوة إلى هجرانه، فهناك الكثير من القصائد البديعة التي تؤكد على جمالية هذا الشعر وصموده.
ــ “الشعر الحداثي والغموض” :
يقال” أنه لا يمكن اعتبار الشعر الحداثي شعرا بعيدا عن الرمز والأسطورة والعناصر الأخرى، كتراسل الحواس، والدفقات الشعورية الغامضة، والإيحاء.. لأنها تشكل جزءا مهما فيه، وأحد عناصر الشعر الحداثي التي يفترض تواجدها وإلا عُدّ خاطرة شعرية..” وأناناأناأ لا أرى ذلك لأن الغموض ليس مقصودا للشاعر، وإن ظهر شعره غامضا، وقد يحصل الغموض بسبب قلة ثقافة المتلقي؛ فمحمود درويش مثلا الذي يعد من أبرز الشعراء الغامضين إذا صح التعبير عندما كتب ديوانه “ورد أقل” كان عنوان هذا الديوان غامضا، ولكن عندما نعلم أن أول شاعر شبه الدم بالورد نستطيع أن نفهم أن الشاعر يقصد أن الدم الذي بُذل في سبيل تحرير الوطن قليل، وأن الوطن بحاجة إلى دماء أكثر ليحرر، وبذلك نعلم أن الشاعر ابتعد عن المباشرة وأضاف إلى شعره بعدا جماليا.
ــ “قصيدة العمود ومواكبة التطور المجتمعي” :
إن هناك شعراء واكبوا التطور المجتمعي والبيئة الشعرية، مع أنهم طيلة حياتهم لم يكتبوا إلا الشعر العمودي، ومن أبرزهم الشاعر اليمني عبد الله البردوني الذي كان يدهش المتلقي بالصورة الفنية الجميلة والمبتكرة.
ــ “قصيدة العمود والأغراض الشعرية غير التقليدية (الموضوع السياسي)” :
لا شك أن قصيدة العمود قادرة على استيعاب جميع أغراض الشعر، مع أني أعتذر لعدم موافقتي في أن الموضوع السياسي لم يطرح في الشعر العمودي، ومن الأمثلة على ذلك الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل الذي قال :
لله قومي كيف عكر صفوهم
طيش الشيوخ وخفة الشبان
يا رب إن بلفور أنفذ وعده
كم مسلم يبقى وكم نصراني
ــ “دور الشعر” : ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﻟﻄﻤﻮﺣﺎﺗﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺇﺣﺪﻯ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺗﻮﺍﺯﻧﻨﺎ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ إذا كان شعرا ساميا هادفا، ولكن المشكلة تكمن في شعراء يمتلكون أدواتهم الفنية فلا تستطيع أن تنقدهم في هذا الأمر، ولكنهم يستخدمون فنهم هذا في إفساد الأجيال فإذا بشعرهم يتحول إلى تفاحة مسمومة يحذر من تناولها كل عاقل رغم جمالها.
ــ ” ﺍﻟﺸﻌﺮ وﺍﻹﻋﻼﻡ (ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻲ) ﺍﻟﺼﺎﺧﺐ والعولمة” :
كل شيء له رواده ومحبوه، والمطلوب هو مجاراة هذه التحولات الثقافية والمعرفية والتقنية، ومحاولة الصمود أمام الغث منها، فهي لم تضعف الشعر، فالشعر مستمر ولكن المسؤولية أصبحت كبيرة، إذ لا بد من الإتقان ليستمر المحبون في محبتهم للشعر الراقي.
ــ “مفهومي للالتزام بقضايا الوطن والأمة في الشعر” :
هذا الالتزام حتمي ولكن المثير للانتباه هو أن الشاعر مطالب من جمهوره بأن يوضح كل ما يكتب، وهنا يحصل التصادم بين الفن والالتزام، فالشعر جمال، و الوطنية جمال، وحقوق الإنسان جمال، وحث على القيم السامية وهذا بحاجة إلى أن يكون المتلقي واعيا لضرورة أن يبدع الشاعر في صوره ورموزه مع التزامه بقضايا أمته ووطنه وقضايا الإنسان الشاملة،
فكم من قصيدة لا تحتوي على المستوى الأدنى من القيمة الفنية انتشرت بين الصغار والكبار، لأنها تتحدث عن أمر مهم كالوطن أو الظلم أو الحرب التي تشرد الضعفاء بلا ذنب.
وكم من قصيدة شمخت بأدائها الفني مع التزامها ولكنها لم تنتشر بالصورة التي ذكرتها في الحالة الأولى.
ــ “علاقة الشعر بالهوية” :
هذا يعتمد على خصوصية الشاعر أو عدمها، ولذلك فإن الشاعر محتاج لأن يتمعن في هموم الناس، وإن كانوا لا يمتون له بصلة، فلا بد أن يشعر الإنسان بآلام البشرية، ولكن هناك مشكلة تتعلق بعدم فهم محاسن الإسلام، فالإسلام لا يمنعك كمسلم من تحسين معاملتك مع غير المسلمين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل غير المسلمين معاملة حسنة. ولكن البعض لا يفرق بين غير المسلمين المسالمين وبين المحاربين، فالمسالمون يعاملون باحترام وإحسان، أما المحاربون فلا يمكن أن نحسن معاملتنا معهم وهم يحاربون ويسفكون الدماء.
ومن المعاملة الحسنة مع غير المسلمين أن لا نتمنى الضر لهم و أن نتعاون معهم بما فيه السعادة للبشر.
ــ “علاقة الشعر بالذاتي والموضوعي” :
تحدثت في رد سابق عن البرناسية وهي المدرسة التي تعمقت بالمشاعر الذاتية أو الشخصية، وكان الشاعر الذي ينتمي لهذه المدرسة لا يعرف شيئا عن من حوله من أشخاص و حوادث، وتصدر منه رموز لا يستطيع أحد من الناس أن يعرف معناها ولذلك اندثرت هذه المدرسة، فالاستقلالية الذاتية لا يمكن أن تتناسى العالم الخارجي، ولا يمكن أن يعيش الشاعر في أوهامه فالشاعر ابن بيئته وابن عالمه الكبير.
.. يتبع..
عن موقع: فاس نيوز