أفاد تقرير أمني سري تم رفعه من طرف وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” بأرلينغتون فرجينيا إلى مكتب الرئيس الأمريكي جو بايدن بواشنطن الشهر الماضي وتم تسريب منه فقرات صغيرة جدا لصحيفة وال ستريت جورنال بأن أنظمة الحكم في بعض البلدان الأفريقية والآسيوية على وشك التزعزع والتصدع، وهناك إمكانية كبيرة بأن تصبح مستقبلا بمثابة أنظمة مارقة وستشكل خطورة على التوسع الأمريكي في افريقيا “منطقة الصحراء الكبرى” وفي آسيا، ومن بين هذه الأنظمة تم ذكر النظام الجزائري الذي وصفه التقرير بأنه نظام ذو صبغة عسكرية بواجهة مدنية مهلهلة لا تمتلك سلطة القرار، بل القرارات يتم اتخاذها من طرف المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات والأمن الداخلي وحتى هذه الأجهزة في صراع فيما بينها حول من يمتلك سلطة نفوذ أقوى.
وجاء أيضا في التقرير بأن الحرب الروسية في أوكرانيا ستكون سببا مباشرا في تهلهل هذه الأنظمة وتحوُّلها لأنظمة مارقة وهذا من طرف دعم روسي في حال بلوغها مراحل معينة من الهزيمة في أوكرانيا، خاصة وهي تتلقى أفظع الخسائر هناك، ومع تعنت بوتين في الاعتراف بالهزيمة ورفضه توقيف الحرب وإصراره على إكماله الحرب طمعا في دخول رئيس كوريا الشمالية وإيران في المواجهة مع أمريكا وبذلك يستفيد من تلك الفوضى الخلاقة.. وهو ما لم يتم، وحتى الصين التي كان يعول عليها بوتين كثيرا خذلته كثيرا دبلوماسيا واقتصاديا وجعلته محبطا ويتخبط في مستنقع لم يستطع إنقاذ نفسه منه في أوكرانيا.
التقرير استند على كون المؤسسة العسكرية في الجزائر تتخذ من روسيا كحليف عسكري أول ولا يمكنها في الوقت الحالي التخلي عنه لعدة اعتبارات أبرزها صفقات السلاح المبرمة والطويلة الأمد بين البلدين ومن جهة ثانية فالنظام لازال مهلهلا بسبب الحراك الشعبي الذي جعله حاليا غير مستقر تماما رغم أن المسيرات متوقفة، ولهذا فهو يرى أن عودة الشعب للشارع ستكون في أية لحظة.. وحسب التقرير فإن سقوط بوتين سيخلق هوّة عميقة في منطقة شمال افريقيا وأكبر من سيرتد عليه زلزال خسارة بوتين في أوكرانيا هو النظام الجزائري، ولهذا يجب الاسراع في دعم بعض القيادات في المؤسسة العسكرية في الجزائر التي تؤيد التقارب مع أمريكا عسكريا، ولكن الهاجس الأكبر هو تواجد عدة قيادات موالية لأمريكا إما في السجن أو هي مقالة منذ نحو سنتين من طرف القيادات التي توالي روسيا وعلى رأسهم سعيد شنقريحة الذي يعتبر أكبر بيدق لروسيا في الجزائر، ورغم أنه من بين أكبر الفاسدين في الجيش الجزائري ومعروف عنه أنه من كبار تجار السلاح بشكل غير شرعي مع ميليشيات في بعض مناطق التوتر في النيجر والتشاد ومالي، كما أنه معروف عنه أنه مهرب أيضا للمخدرات، إلا أن روسيا متمسكة به جدا ولا تريد التخلي عنه، وذكر التقرير أيضا أن من بين أكبر المقربين لأمريكا هو الجنرال القايدي الذي يعتبر الأكثر تأييدا للتقارب مع أمريكا، ولهذا فإن إخراجه من السجن مؤخرا كان بضغط مباشر من طرف وزير الامريكي أنطوني بلينكن غداة زيارته للجزائر قبل أشهر وهو المرشح القوي لتنصيبه كقائد أركان جديد في غضون بضعة أشهر وربما أقل من ذلك، وكل هذا مقترن مباشرة بالضربة القاضية التي سيتلقاها بوتين في أوكرانيا.. إذن أمريكا تريد حاليا العمل على دعم التيار الموالي لأمريكا وبذلك فهي ستضرب عصفورين بحجر واحد، من جهة هي ستضرب أذرع روسيا الاخطبوطية في أفريقيا، ومن جهة ثانية هي ستكسب زبونا سخيا جدا يشتري الأسلحة بفواتير مرتفعة وكل سنة.
الشعب الجزائري حاليا إذا ما اراد أن يكون له الرأي الأقوى في هذه المعادلة عليه العودة إلى الشارع وفرض نظام قوي وشرعي لا يتلاعب به القاصي والداني، ولا يكون العوبة بين القوى الكبرى تتصارع عليه كما تتصارع الوحوش على فريستها في البرية.
الجزائر منارة الحراك