كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي
رئيس مجلس النواب
في افتتاح الدورة التشريعية الثانية
من السنة التشريعية 2021-2022
طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور، نفتتحُ اليومَ أشغالَ الدورة الثانية من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشرة، على مستوى الجلسات العامة، إذ إن مجلس النواب، واصل خلال الفترةِ الفاصلةِ بين الدورتين اشتغاله، وبكثافةٍ، على مستوى اللجان النيابية الدائمة والمجموعات الموضوعاتية والدبلوماسية البرلمانية.
وَأَوَدُّ في البداية، وبمناسبة شهر رمضان الكريمَ، أن أتوجهَ بأصدق التهاني وأطيب المتمنيات إلى موْلانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله متضرعاً من العلي القدير أن يديم على جلالته موفورَ الصحة والعافية وأن يُقِرَّ عَيْنَه بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن ويَشُدَّ أَزْرَه بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
السيدات والسادة
نفتتحُ هذه الدورة في سياقٍ وطني مطبوعٍ بمراكمة بلادنا لمزيد من التقدير والاقتدار، وترسيخِ تَمَوْقُعِها كقاعدةِ استقرارٍ إقليمي وقاري وشريكٍ صادقٍ مَوْثوقٍ به، حريصٍ على احترام التزاماتِه إزاء المجموعة الدولية، وإزاء شركائه وأصدقائه ومحيطه.
و بالتأكيد، فإن كلَّ ذلك وغيرَه يَتَأَتَّى لبلادنا بفضل القيادةِ الحكيمةِ لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله، وبفضل رؤيتهِ الاستباقيةِ، وحَصَافَةِ رأيهِ في قيادة السياسية الخارجية للمملكة، وحرصِه على تعزيزِ الإصلاحات وصيانةِ الحقوق وكفالةِ الحريات في الداخل.
لقد أَثْمَرَ الوضوحُ في مواقف المملكة، والحَزْمُ الذي يُدَبِّرُ به صاحب الجلالة قضيةَ وحدتِنا الترابية، بالارتكازِ إلى الشرعيةِ الدوليةِ والتاريخيةِ والمؤسساتيةِ والديموقراطيةِ، وانخراط سكان الأقاليم الجنوبية المغربية في بناءِ المؤسسات، ومشاريع التنمية الـمُهَيْكِلَة والاستراتيجية، (أثمر كل ذلك)، اتجاهاً دولياً واضحا يَتَرَسَّخُ باستمرار، يتمثلُ في مزيدٍ من الاعتراف بالحقوق الثابتةِ لبلادنا في سيادتِها على أقاليمها الجنوبية، وفي أن اقتراحَ الحكم الذاتي في هذه الأقاليم في ظل السيادة المغربية، الذي تقدمت به المملكة منذ 2007، هو اليوم، وسيظل، المقترحَ الجديَّ، الصادقَ والقابلَ للتنفيذِ كأساس لتسوية النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية الذي حَسَمَتْهُ بلادُنا وِفْقَ الشرعية الدولية منذ عقود؛ هذا الحسمُ الذي يُثْمِرْ اليومَ تنميةً رائدةً في أراضينا المسترجعة، ويتجسدُ في مشاركةٍ مكثفةٍ لأَخَوَاتِنا وإخوانِنا في هذه الأقاليم في تدبير الشأن الوطني من خلال مشاركتهم في اختيار ممثليهم وطنيا وترابِيًّا.
وقد كان آخرُ هذه المواقف ما عبرتْ عنه بوضوح الجارةُ إسبانيا من دعمٍ لمقترح الحكم الذاتي، وهو موقفٌ نُثَمِّنُهُ ونقدّرُه، وينضافُ إلى المواقف المنْصِـفَة التي اتخذتْها قوى صديقة نافذة في القرار الدولي.
وفي خِضمِ هذه الدينامية، نعيدُ التوجهَ بالشكر إلى البرلمانات الوطنية، وإلى مكوناتها الأساسية الداعمة للتعقل، والحكمة، والشرعية، فيما نتوجه إلى مَنْ ما يَزال يقفُ “محايدا” أو مترددا من الأصدقاء، وإلى من يَتَعَمَّدُ اللُّبْسَ والخَلْطَ L’amalgame من الخصوم، إلى استحضار لغة العقل، وحقائق التاريخ والشرعية الدولية، والتوجه إلى المستقبل في ما يرجعُ إلى حقوقنا التاريخية؛ علما بأنه كما أكد صاحب الجلالة فإن “المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربيةُ الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبداً، مطروحة فوق طاولة المفاوضات”.