وصف رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية عبد الله بوانو، في منشور له على الفيسبوك، قرار شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بشأن تحديد سن 30 عاما لولوج مباريات سلك التعليم بالتعاقد بـــ”الطائش”.
فيما يلي تدوينة عبد الله بوانو:
مرة أخرى تدفعنا القرارات الطائشة لحكومة الارتباك، للتفاعل معها بخلفية التذكير فقط، وليس هناك ما يمنع ان يكون التفاعل بخلفية التعليم والتكوين، مادام الأمر هذه المرة يتعلق بقرار طائش لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة… يا له من اسم، اقصد اسم الوزارة.
تتبعنا جميعا ردود الفعل الغاضبة والمشروعة لفئات كثيرة في المجتمع، وخاصة الشباب والطلبة، ممن هم معنيون بشبح البطالة، على قرار السيد وزير التربية الوطنية القاضي باقصاء من يتجاوز سنهم 30 سنة من مباراة توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين،-تذكروا اسمها مباراة توظيف-.
وهذا القرار مشوب بعيوب كثيرة، بل بمخالفات صريحة لمقتضيات الدستور والمقتضيات القانونية المفروض أنها تؤطر وضعية أطر الاكاديميات الجهوية.
لكن دعونا في البداية، نقف على الإطار السياسي، للعملية، حيث إن هذا القرار يمكن وصفه بالمغامرة التي تتجه بالبلاد الى مجال كنا نعتقد اننا قطعنا معه في المغرب، والقصد هنا ان السيد شكيب بنموسى ورغم أنه سبق ان تقلد مهام وزير للداخلية، الا أن الوزير المنتمي لحزب سياسي يجب عليه ان يتحلى بفضيلة الحوار والتشاور في اتخاذ القرارات ذات البعد السياسي والاجتماعي، والا فانه يحول قراراته الى عنصر توتر لا أحد يعرف مساره وافقه في ظل التركيبة العجيبة لهذه الحكومة وبالنظر لفشلها في التواصل مع الرأي العام وعجزها في الاقناع، لانها لا تملك القدرات اللازمة للاقناع، ولانها لا تملك اصلا ما تقنع به، وهذه حكاية أخرى سنعود لفصولها كلما دعت الضرورة.
من الناحية الدستورية، فقرار وزير التربية الوطنية، غير دستوري، لأن تحديد شرط 30 سنة لا أصل في الدستور، ولم يتم اللجوء لمثل هذا الشرط الا في بعض الاستثناءات التي تتطلبها بعض الوظائف منها القضاء مثلا، بل إن التوظيف في بعض فئات الجيش يسمح به الى حدود 40 سنة، وهذا يطرح سؤالا حول ما اذا كان السيد بنموسى عايش معانا فالمغرب أم لا، وحول ما اذا كان عارف اش واقع فالبلاد أم لا؟
من ناحية النصوص القانونية او التنظيمية التي يفترض أنها تؤطر المسار والحياة المهنية لأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، هل يعلم السيد الوزير أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مؤسسات عمومية تتمتع بالاستقلال الاداري والمالي، وهذا يعني أن يترك لها المجال للتخذ القرارات التي تناسبها ومنها قرارات التوظيف، اذ لا معنى أن يصدر عن الوزير قرار يتعلق بالتوظيف في الأكاديميات، صحيح أن وزير التربية الوطنية يرأس المجالس الادارية للاكاديميات، لكن هذه المجالس هي المخولة لاتخاذ مثل هذه القرارات، وبالتالي كان عليه ان ينقل ما يريده للتداول والتشاور داخل هذه المجالس وليس اتخاذ القرار بشكل انفرادي ومركزي وتوظيف الاعلام العمومي لفرضه بعد رفضه من طرف المعنيين.
من جانب آخر، النظام الاساسي لأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ينص بصيغة واضحة وصريحة، في المادة المتعلقة بشروط التوظيف، على ألا يقل سن المرشح عن 18 سنة والا يتجاوز 40 سنة، وانه يمكن ان يصل الحد الاقصى لسن التوظيف الى 45 سنة، فعلى ماذا استند السيد بنموسى قانونيا بالضبط، وهو يوقع قرار 30 سنة؟
وهناك مشكلة أخرى طرحها تفاعل السيد الوزير مع الرفض الشعبي لقراره، وتتعلق بحديثه عن كون قراره يعني التكوين وليس التوظيف، أي أن تحديد السن في 30 سنة فقط هو شرط لولوج مراكز التكوين، بينما قراره قرار توظيف، وحتى اذا “غمضنا العين” على هذا الالتفاف وهذا التسلل، فان ولوج مرشح ما وهو في سن 30 سنة لمراكز التكوين، التي سيقضي فيها سنة، أو سنتين في حالة الرسوب والتكرار، فانه سيلج الوظيفة في سن 31 أو 32، وهنا سيطرح مشاكل إدارية ومالية و”سير تضيم”.. شخصيا لا اجد لهذه المحاولة في المراوغة بالتفريق بين التكوين والتوظيف وصفا سوى عملية نصب فاقع لونها.
وحتى اذا حملنا حديث السيد الوزير عن التكوين والتوظيف، على محمل حُسن النية، فإنه يجب أن يعلم ان هذا الموضوع كان قد حسم بمرسوم في عهد حكومة الأستاذ بنكيران، وأخذ الكثير من الوقت في الحوار والأخذ والرد.
ربما علينا أن نبحث عن السر في اختيار رقم 30 الذي جعله السيد بنموسى سقفا لسن المرشحين لمباريات توظيف أطر الاكاديميات، لان هذه الحكومة لها علاقة وثيقة بكثرة الارقام، بدأتها ب100 يوم ومليون قفة، ومليوني منصب شغل التي اصبحت مليون، وأرقام أخرى مما نعلمه ومما يعلمه اخرون، هذه حكومة الارتباك وحكومة الارقام كلاما والفقاعات حقيقة.. وسنتتبع فقاعاتها، كلما أطلقت فقاعة سنكشف حقيقتها.