د لكبير داديسي / فاس نيوز ميديا
نظمت رابطة كاتبات المغرب فرع آسفي يومي 5 و 6 نونبر 2021 الملتقى الوطني للحكاية في نسخته الثالثة، وقد تعددت أنشطة الملتقى بين أمسيات للحكي، مسرح، موسيقى، ورشات وماستر كلاس إضافة إلى ندوة علمية احتضنها بهو قاعة مسرح مدينة الثقافة والفنون بآسفي صبيحة يوم السبت6 نونبر شارك فيها كل من الدكتورة سميرة المصلوحي، الدكتورة الزهرة حمودان، الدكتورة مثال الزيادي، الباحثة الطالبة في سلك الدكتوراه سارة بنزعيمة والدكتور إبراهيم نادين، الندوة أدارها باقتدار الكاتب والروائي الكبير الداديسي الذي افتتح الندوة بمحاولة الربيط بين سياق الملتقى ومكونات عنوان الندوة فوقف عند الحكاية والمرأة، ليعرج على الحكاية ومأزق المفهوم وما يحوم من التباس بينه وبين مفاهيم مثل الخرافة، السيرة الشعبية، الأسطورة… وكيف ظلت الحكاية ضمن أدب الهامش، والتداول الشفوي قبل الاهتمام المتزايد بها في السنوات الأخيرة بعد جهود منظرين عالميين قعّدوا قراءةَ الحكاية بدءً بفلاديمير بروب في كتابه مرفولوجية الخرافة، مرورا بجهود كل من كريماس، ولفي ستراوس وتزفتان تودورف… وعن ارتباط الحكاية بالهوية، حاول رئيس الجلسة أن يبين معنى الهوية وصعوبة مقاربة كل الحكايات المغربية، لتعدد تلك الحكايات حسب مكونات الهوية المغربية (عربية، أمازيغية، إسلامية وحسانية صحراوية.) وحسب روافد هذه الهوية (أندلسية، إفريقية، متوسطية وعبرية)…
بعد ذلك كانت الكلمة للدكتورة سميرة المصلوحي (باحثة وأستاذة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة محمد الخامس الرباط) التي وقفت على “الحكاية كمدخل حجاجي في تشكيل الهوية” منطلقة من أصل الحكاية، وعلاقة الحكاية بالتاريخ، والأدوار التي يمكن أن تلعبها الحكاية في تشكيل الهوية كتراث لا مادي، واعتبارات الحكاية وثيقة يمتح منها المؤرخ والأنتروبوجي والسياسي … يحضر فيها الحجاج بطرق متعددة منها الحجاج بالمثل، والحجاج بالشخصيات والحجاج بالعبرة… لتستنتج تفرد الحكاية بخصائص منها الشعبية (تنسب للشعب دون أن يعرف لها مبدع) إضافة إلى قيامها على الدهشة والتماهي واعتبارها الجنس التعبيري الأقرب إلى وجدان الأطفال لما تحويه من أبعاد تربوية قيمية ولما يفردها كجنس تعبيري عابر للأجناس.
وفي مداخلتها ركزت الدكتورة زهرة حمودان (رئيسة رابطة كاتبات المغرب فرع تطوان) على تطور الحكاية عبر التاريخ، واعتبارها (سرودا إنسانية فوق الأرض ) يمتزج فيها الطبيعي، الثقافي، اليومي، التاريخي، والخيالي، تتناقل من الخلف إلى السلف لتميز بين الحكاية عند العرب والحكاية عند الغرب والثابت والمتحول في الحكايات بين الشكل والمحتوى لتستنتج أن الحكاية تعالقٌ بين الثقافات العربية والغربية لإنها تقارب المشترك الإنساني….
في المداخلة الثالثة قدمت الأديبة والشاعرة الدكتورة مثال الزيادي قراءة لصورة المرأة في الحكاية الشعبية، من خلال دراسة ميدانية تطبيقية في مؤلف ” لسان جدتي” الذي جمعت فيه الكاتبة نادية متفق
• محور القرابة (الأم، الابنة، الجدة، صورة الأخت، صورة الضرة صورة زوجة الأب…)
• محور السن ( صورة المرأة العجوز، صورة الطفلة، صورة الشابة، ..)
• محور الوظيفة (الزوجة، الساحرة، الصالحة، التضحية… ) لتستنتج أن لا وجود لحكاية دون امرأة وأن الحكاية مرتبطة بالقيم وتقدم أمثلة من الكتاب حول قيمة الجمال، الشجاعة، الحبن التضحية…
اما الطالبة الباحثة بسلك الدكتوراه سارة بن زعيمة فتمحورت مداخلتها حول الحكاية والسرد التاريخي في المسيرة الخضراء، منطلقة من قِدم الحكاية وعلاقة الحكاية بالتاريخ ، بل وتجاوز الحكاية مثل الرواية الأدبية للتاريخ مادامت تتجاوز الواقع إلى المحتمل، لتبين كيف يمكن لحدث المسيرة الخضراء أن يكون حكاية سواء من حيث وجود حدث عظيم، ناهيك عن الترتيب الزمني والمنطقي لأحداثه في فضاء مكاني بأبعاد حكائية، إضافة إلى وجود شخصية قائدة وملهمة وهي عناصر كفيلة بصياغة حكاية بوظائفها التربوية والقيمية.
المداخلة الأخيرة للدكتور إبراهيم نادين أستاذ الدراسات العربية بالكلية متعددة التخصصات بآسفي كانت انطباعات عن المتن الحكائي، حاول فيها الحديث عن علاقة الحكاية بالمحلي، وعلاقة الحكاية بالشخصي، مبرزا كيف ساهمت الحكاية في تربيته وتكوينه، انطلاقا من عدد من الحكايات التي تروى حول صلحاء وأولياء المنطقة وكراماتهم، داعيا إلى إعادة الاعتبار للحكاية الشفوية، والدعوة إلى توثيقها وإخراجها من التداول الشفوي إلى التداول الكتابي حتى تسهل دراستها
وقد كان رئيس الجلسة يربط بين المداخلات ليستنبط في كلمته الختامية من خلال المداخلات أهم خصائص الحكاية كقصة تحكي أشياء ماضوية منسوبة للسلف لذلك تبتدئ بعبارات مثل: بلغني أن، يحكى، زعموا، كان يا مكان، قالوا زمان…. وتنتهي بعبارات تُبْقى الحكاية حكايةً مثل: توتة توت خلصت الحدوث( في المشرق)، و”هكذا مشات حكايتي مع الواد وبقينا مع الجواد” (في المغرب) إضافة إلى قيام الحكاية على الصراع بين الخير/ الشر، الغني/الفقير، الجميل/القبيح .. بطريقة قد تسافر بالمتلقي إلى عوالم غرائبية يتفاعل فيها الأقزام، العمالقة، وكائنات خرافية … في نفس المبنى الحكائي وفق الوضعيات الست المتعارفة عليها…
وقبل رفع الجلسة فتح نقاش حول أهمية الحكاية في تشكيل والحفاظ على الهوية، وحول خصوصية الحكاية المغربية، والمشترك الإنساني في الحكاية، والحاجة إلى الحكاية في زمن تعدد الوسائط وشبكات التواصل الاجتماعي