نص الجواب الذي قدمه السيد ناصر بوريطة عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار 2602 حول الصحراء المغربية
كما تعرفون جيدا، فإن مجلس الأمن الدولي أقر اليوم بتجديد بعثة المينورسو لمدة سنة. المغرب يشيد بهذا القرار ويعتبره مهما نظرا لسياقه ومضمونه والمواقف المعبر عنها من طرف بعض الدول من خلال الموافقة عليه.
القرار مهم بالنظر لسياقه حيث حقق المغرب مجموعة من المكتسبات، التي تمت بالانخراط الشخصي وبالمتابعة الدائمة لجلالة الملك محمد السادس منذ قرار أكتوبر2020، بالإضافة إلى تأمين معبر الكركرات شهر نونبر والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ناهيك عن فتح مجموعة من القنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما جاء في التقرير الأخير للأمين العام. ويعد هذا القرار إجابة لما واجهته هذه المكتسبات من تحركات ومناورات من قبل الأطراف الأخرى.
ويقدم هذا القرار خمسة أجوبة وهي كالتالي
الجواب الأول هو حول طبيعة المسلسل، إذ كانت هناك تعبئة من طرف الجزائر بشكل خاص ومن طرف مندوب الجزائر الذي رفض المشاركة في الموائد المستديرة، إلا أن جواب مجلس الأمن يؤكد أن مشاركة الجميع هي الآلية الوحيدة لتدبير المسلسل.
تم ذكر الموائد المستديرة على الأقل 4 مرات كآلية يجب متابعتها من طرف المبعوث الشخصي. وبالتالي فإن الجواب الأول هي أن الموائد المستديرة هي الإطار الوحيد.
الجواب الثاني يهم الهدف من المسلسل، حيث كانت هناك محاولات لإحياء بعض الخطط القديمة والمخططات المبتذلة. كان هناك أيضا ضغط وابتزاز لتغيير الفقرة الثانية من القرار لكونها تحدد ماهية الحل. وكما تنص عليه هذه الفقرة، فإن الحل يجب أن يكون واقعيا، وعمليا وقائما على التوافق، وهي كلمات تخيف وتزعج الأطراف الأخرى لأنها تحيل على مبادرة الحكم الذاتي، مبعدة بذلك كل ما هو غير واقعي وغير عملي.
الجواب الثالث متعلق بأطراف المسلسل، إذ كانت هنالك تصريحات تفيد بعدم مشاركة الجزائر في الموائد المستديرة. ومنه فإن مجلس الأمن بهذا القرار يحدد الأطراف الحقيقية لهذا النزاع ويشير إلى أن الجزائر لها مسؤولية في المسلسل بقدر مسؤوليها في خلق النزاع واستمراره.
على طول المسلسل، الجزائر مدعوة أن تشارك بمسؤولية وشكل بناء.
الجواب الرابع، كان على مسألة وقف إطلاق النار، حيث كانت هنالك محاولات لجعل عملية الكركرات وتحرير المعبر مما كانت تقوم به ميليشيات البوليساريو، هو السبب لهذه المشاكل، فجاء جواب مجلس الأمن بشكل واضح، فهو عبر عن قلقه فيما يتعلق بإنهاء وقف إطلاق النار، هذا الإنهاء الذي نعرف من وراءه والذي قال بشكل رسمي بأنه لم يعد ملتزما بوقف إطلاق النار. في المقابل أعلن المغرب بشكل رسمي وعلى أعلى مستوى، من طرف جلالة الملك الذي خاطب الأمين العام للأمم المتحدة ليعبر عن التزام المغرب باتفاق وقف إطلاق النار، فهذا القرار الذي يعبر عنه مجلس الأمن هو رسالة للأطراف لتتحمل مسؤوليتها.
الكركرات غير مذكورة في القرار، لأنه تم اعتبارها مجرد مسألة تحصيل حاصل، وبأن هذه المنطقة شهدت عرقلة لحركة سير، وتهديدا لأمن السائقين والمارة من طرف ميليشيات، لذلك انخرطت القوات المسلحة الملكية بتعليمات من صاحب الجلالة، وأعادا الوضع لشكله الطبيعي، وبذلك انتهى الأمر.
نرى أن هنالك أكثر من 240 بيان حرب للميليشيات، لذلك فمجلس الأمن رد على هذه المسألة واعتبر أن الوضع عادي وطبيعي في معبر الكركرات، وبالتالي فهي رسالة قوية للجزائر وللبوليساريو بأن المجتمع الدولي لن يسمح بالمس بالاستقرار في هذه المنطقة.
في نفس الإطار، القرار يطالب بدعم قوي للمينورسو، فكما ورد في تقرير الأمين العام، بأن هنالك طرفا ما يعرقل عمل المينورسو، وأن هناك جهات وهي الجزائر والبوليساريو هي التي لا تدع المينورسو تتجرك بشكل طبيعي في شرق الجدار الأمني.
الجواب الخامس، حول مكتسبات المغرب في السنوات الأخيرة: كانت هناك محاولات للمساس بها وهي اليوم مذكورة في هذا القرار. هذا الأخير، أشار كذلك إلى أن الحكم الذاتي هو الإطار الواقعي، والعملي، وذو المصداقية باعتباره الأفق الوحيد لهذا الحل.
وقد كانت هنالك محاولات ورسائل كتبت حول موضوع حقوق الإنسان، لكن هنالك العديد من الدول تستطيع التمييز بين ما له طابع المزايدة والتشويش وما هو حقيقي، وبالتالي لم يطرح موضوع المينوروسو أو حقوق الإنسان أساسا في هذا القرار، على عكس مسألة تسجيل اللاجئين ومسؤولية البلد الذي يتواجد فيه هؤلاء اللاجئين بتندوف، والذي تم تأكيده في قرار مجلس الأمن في الفقرة الثامنة، والتي تنص على ضرورة إحصاء هؤلاء المحتجزين من أجل حماية حقوقهم من انتهاكات القانون الدولي الإنساني وكذا السماح لهم بالخروج من جحيم مخيمات تندوف، نفس الشيء يتعلق أيضا بإقحام منظمات إقليمية كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في هذا المسلسل ضمن مناورات عديدة لم تذكر في القرار.
هذه أجوبة صريحة وواضحة قدمها مجلس الأمن لكل هذه المناورات والتحركات التي تحاول أن تحي بأن شيئاً ما سيحصل، وأن مجلس الأمن سيغير محدداته أو وضعه، غير أن الجواب كان واضحاً لا من حيث المسلسل وشكله ولا من حيث الحل وطبيعته، ولا من حيث الأطراف الحقيقية ومسؤوليتها، ولا من حيث وقف إطلاق النار والمسؤول عنه، ولا من حيث المكتسبات التي حققها المغرب والتي أصبحت مؤكدة من خلال هذا القرار الذي اتخذه مجلس الأمن.
المغرب يعبر عن شكره للمجتمع الدولي الذي أيد هذا القرار، وللدول التي عبرت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي ومن بينها عضوين دائمين في مجلس الأمن وهما الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وكل هذه عناصر جاء بها هذا القرار لا من حيث سياقه ولا من حيث مضمونه، فالمغرب تعامل معه بهدوء على اعتبار أنه استحقاق عادي، غير أن أطرافا أخرى حاولت جعله نقطة تحول، غير أن مجلس الأمن أجاب في خمس نقاط.