بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد الرئيس
السيد رئيس الحكومة
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
يسعدني أن أتدخل، باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في مناقشة مضامين البرنامج الحكومي، الذي قدمه السيد رئيس الحكومة المعين في مختلف المجالات، السياسية منها، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والخارجية، والبيئية، طبقا لأحكام الفصل 88 من الدستور.
في البداية نثمن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأولى من الفترة النيابية 11 بما حملته من توجيهات ورسائل ذات دلائل عميقة تشكل في حد ذاتها خارطة طريق واضحة المعالم للعمل الحكومي والبرلماني على السواء.
كما نغتنم هذه المناسبة لنسجل باعتزاز كبير المكانة المتميزة التي بوأنا الناخبون في المشهد السياسي، كما جسدته صناديق الاقتراع ليوم 08 شتنبر 2021، حينما حصل الحزب على أصوات المواطنين، الذين رأوا في حزب الاستقلال بتاريخه الوطني الصادق وبرنامجه الانتخابي الواقعي الذي يستيجيب لتطلعات وانتظارات المواطنين، حزب الوفاء بالعهود والتغيير نحو الغذ الأفضل، هذه الأصوات التي ترجمت بحق قوة الحزب ومناعته، وقدرته على تحصين مكانته.
السيد الرئيس؛
في هذا الإطار جاءت مشاركة حزب الاستقلال في الأغلبية الحكومية الحالية، إيمانا منه بضرورة المساهمة في بناء مغرب قوي ديمقراطي وحديث ومتضامن، والانخراط في الجيل الجديد من الأوراش الإصلاحية الكبرى التي يقودها جلالة الملك نصره الله، وتنزيل النموذج التنموي الجديد، ومشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وتسريع الجهوية المتقدمة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، والنهوض بالطبقة الوسطى؛ وهي محاور من بين أخرى كثيرة نتطلع في الفريق الاستقلالي لكي تكون على رأس اهتمامات الحكومة.
كما تأتي هذه المشاركة استحضارا منه للظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تجتازها بلادنا بفعل آثار الأزمة، وتداعيات جائحة كوفيد 19 خاصة بالنسبة للطبقات الهشة والفقيرة
وتأتي هذه المشاركة اعتبارا للتحديات الخارجية التي تواجهها بلادنا، والمتمثلة أساسا في ترسيخ وحدتنا الترابية في ظل مناخ إقليمي مضطرب وغير مستقر، ومواصلة بعض الجهات الخارجية استهداف المصالح الحيوية لبلادنا، ومعاكسة الوحدة الترابية للمملكة، ومحاولة تحجيم الدور المتصاعد للمغرب على المستوى الإقليمي والقاري.
السيد الرئيس؛
ويهمنا في مستهل هذه الكلمة، أن نعبر عن اعتزازنا الكبير بوحدة صف أمتنا وصمودها في دفاعها المستميت عن قضيتنا الأولى، قضية وحدتنا الترابية المقدسة، وهي معركة لا هوادة فيها، سواء تعلق الأمر بجهاتنا الجنوبية التي أضحت تنعم بمقومات تنمية مستدامة، على كل الأصعدة، والتي توجتها المشاركة الفاعلة والمكثفة لأهلنا من ساكنة الصحراء المغربية، سواء في دينامية البناء والتنمية الوطنية، أو في تدبير الشؤون السياسية والتمثيلية المحلية، وهو ما أصبح محط إشادة من المجتمع الدولي والحقوقي، ولعل نسبة التصويت الكبيرة والمشاركة المكثفة لساكنة الأقاليم في الاستحقاقات الأخيرة، لتؤكد مدى تشبت أبناء الصحراء المغربية بمغربيتهم، وحرصهم على تمسكهم بالوحدة الترابية، الأمر الذي يقتضي من الحكومة تعزيز هذا الاستحقاق بتوطيد البناء الاقتصادي وتعزيز التماسك الاجتماعي، حتى تصبح هذه الأقاليم قطبا تنمويا حقيقيا وشريكا أساسيا للدولة.
أو فيما يتعلق أيضا بمدينتي سبتة ومليلية المغربيتين المحتلتين والجزر الجعفرية، مؤكدين أن منطق التعايش والتعاون الذي يربطنا مع جارتنا الشمالية إسبانيا تاريخيا وجغرافيا، لا يمكن أن يكون على حساب الانتقاص من سيادتنا ووحدتنا الترابية، كما نعبر عن اعتزازنا بالتطورات الايجابية الأخيرة بالتي عرفتها قضية وحدتنا الترابية على مستوى الأمم المتحدة، وهذا ما يتطلب من الحكومة القيام بالتحركات اللازمة من أجل تعزيز مكانة المغرب والدفاع عن قضاياه الحيوية، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل خاصة بعد تعيين ممثل شخصي جديد للأمين العام مكلف بقضية الصحراء المغربية.
ولا يفوتنا هنا أن نجدد التقدير والاعتزاز بقواتنا المسلحة الملكية الباسلة، بكل تصنيفاتها، تحت قيادة جلالة الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب، على ما تبذله من تضحيات وطنية استثنائية، للدفاع عن حوزة الوطن وحماية حدوده.
السيد الرئيس؛
إذا كانت بلادنا قد خطت خطوات مهمة في مجال تكريس الحقوق والحريات، وتعزيز الاختيار الديموقراطي، فإننا نتطلع لكي تشكل المرحلة المقبلة فرصة لتحقيق انفراج واسع بالعفو عما تبقى من معتقلي الحراكات الاجتماعية، داعين الحكومة الى مواجهة الطلب الاجتماعي المتصاعد بكثير من الحوار والتواصل الدائم والعمل الجاد، في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي.ولأن الفساد يشكل أحد العوائق الكبرى أمام تحقيق أي تنمية منشودة، فإننا نتطلع إلى تسريع تخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد والرشوة، واقتصاد الريع والامتيازات والإثراء غير المشروع.
نتطلع إلى استكمال ورش اصلاح منظومة العدالة وتدعيم استقلالية القضاء، من خلال التعجيل بإخراج النصوص التشريعية المرتبطة بها إلى حيز الوجود، بما فيها أساسا مجموعة القانون الجنائي المسطرة الجنائية المسطرة المدنية وغيرها…كما نتطلع إلى حكامة التدبير الإداري والمالي والاقتصادي من خلال محاربة الاحتكار والهيمنة.
السيد الرئيس؛
إن التحولات الاجتماعية في عالم المعرفة والعولمة الثقافية، تقتضي منا الحرص الشديد على ترسيخ الهوية الوطنية والإنسية المغربية باعتبارهما الدعانمات الأساسية للدولة المغربية والمرتكزات الرئيسة للمجتمع المغربي، وما يطرح ذلك من تساؤلات في ظل هذه المتغيرات، تجعلنا نتطلع إلى ترسيخ ثقافة مغربية تقاوم التنوع الثقافي وصراع الحضارات، وتساعدنا على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتواصل والبحث العلمي، بعدما تمت دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، وتجعل المجتمع المغربي مجتمعا صامدا أمام بعض تجليات الغزو الفكري الذي أملته متطلبات نظام العولمة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والحضارية.
السيد الرئيس؛
إن التحديات المطروحة علينا كثيرة ومتعدددة، وإذا كنا ننوه بدعوتكم السيد رئيس الحكومة إلى سن عمل مشترك مع البرلمان قوامه التعاون والتوازن، فإننا ندعوكم بهذه المناسبة إلى التعجيل بفتح الأوراش التالية:
- ورش إصلاح التقاعد الذي لازال يرزح تحت تهديد عجز بنيوي، يهدد بالقضاء على تقاعد مئات الاف المتقاعدين في أفق 2026 كما كشفت عن ذلك تقارير المؤسسات المعنية، بالرغم من الاصلاح الجزئي الذي أدى فيه الموظف العمومي تكلفة كبيرة جدا.
- الحرص على تسريع المقتضيات الواردة في القانون الاطار المتعلق بالجبايات ابتداء من مشروع القانون المالية 2021
- ورش تنزيل الجهوية المتقدمة التي حملها المشرع الدستوري مسؤولية تحقيق تنمية جهوية تعادلية، وإنتاج نخب محلية قادرة على التجاوب مع القضايا المحلية المتفردة، وما يواكب ذلك من الرفع من ميزانيتها وتدعيمها بالموارد البشرية المؤهلة، مع تحقيق التكامل المطلوب بين العمل الحكومي وعمل الجماعات الترابية.
- ورش النهوض بالعالم القروي وتحقيق التنمية القروية المستدامة، بعدما أبانت الاجراءات الترقيعية والحلول المرحلية عن عدم قدرتها في تحسين وضعية ساكنة العالم القروي.
- ورش إقرار العدالة الاجتماعية والتوازن المجالي، والقضاء على الفوارق الاجتماعية في إطار التوزيع العادل للثروة.
- معالجة ملف المشاركة السياسة الواسعة لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج واعتماد سياسة مندمجة من أجل حلحلة مشاكلها المتراكمة سواء داخل الوطن أو في بلد المهجر.
- سن سياسة خاصة بالتشغيل تجعل من الرأسمال البشري دعامة أساسية للتنمية.
- التعجيل بإعادة النظر في ميثاق الاستثمار من أجل تحفيز الاستثمار الوطني والأجنبي وخلق الثروة وفرص الشغل.
- التسريع بإنعاش المقاولة المغربية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز دورها التنموي، خاصة عبر تحقيق الأفضلية الوطنية وضمان حصة المقاولات الصغرى في الطلبيات العمومية.
- التسريع بتنزيل سياسة مندمجة للأشخاص في وضعية إعاقة ، والذين يفوق عددهم 3 مليون مواطن، وتخصيص دعم مباشر للأسر والجمعيات العاملة بهذا المجال.
- إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية التي تراجعت مردوديتها وجودتها، أمام تعاظم مشاكل القطاع الخاص، مما كرس تعليما طبقيا، لم تعد معه المدرسة العمومية بوابة الشرائح الاجتماعية نحو تحقيق الارتقاء الاجتماعي بل أضحت منبعا لتكريس الفقر الجيلي والطبقي.
- النهوض بالأوضاع المادية والاجتماعية لنساء ورجال التعليم بعدما ظلوا لسنوات على هامش الإصلاح بالرغم من أنهم عماده، خاصة عبر تجاوز مخلفات هشاشة الوضعية القانونية للأساتذة، وفي هذا الصد نأمل العمل على الطي النهائي لملف الأساتذة المتعاقدين، وذلك في إطار الانصاف وتكافؤ الفرص.
- إعادة النظر في المنظومة الصحية بعدما أبانت الجائحة عن فشلها في تحقيق الأمن الصحي.
- تطوير منظومة البحث العلمي والإبداع الذي لا مستقبل لبلادنا، إلا بالاستثمار فيه، من خلال تخصيص اعتمادات مالية مشجعة ومحاربة هجرة الأدمغة والمخترعين المغاربة.
- جعل المائة يوم الأولى من عمل الحكومة قاعدة لتحقيق عدد من القطائع لاسترجاع الثقة، وخلق مناخ يلمس فيه المواطنات والمواطنون التغيير الذي حملته صناديق الاقتراع.
السيد الرئيس؛
إننا إذ نثمن مضامين هذا البرنامج الحكومي ، فإننا نتطلع إلى الالتزام بتنفيذ جميع الوعود في إطار التوازن والتعاون والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وجعل هذه الالتزامات في قلب السياسات العمومية، من أجل الرفع من منسوب الثقة لدى المغاربة، خاصة الشباب منهم في المؤسسات، بما فيها المؤسسات المنتخبة والحكومة والبرلمان، حتى يكون العمل الحكومي والبرلماني في مستوى المشاركة الواسعة للناخبين خلال الانتخابات السابقة.
ويبقى أملنا كبيرا في إنجاح هذه المحطة السياسية، حتى تشكل رافعة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعامة رئيسية لتوطيد البناء الديمقراطي.
والله ولي التوفيق
والسلام عليكم ورحمة اللله تعالى وبركاته