بقلم: محمد واموسي
لا أتهم أي جهة أو طرف أو دولة بالمسؤولية عن الاعتداء الإرهابي الذي استهدف شاحنات مغربية محملة بالسلع كانت في طريقها نحو باماكو و خلف وفاة مغربيين و إصابة ثالث بجروح،لعدم وجود أدلة،لكني أحاول فقط جمع وقائع واضحة و معلومات تابثة و الربط بينها بعقل و منطق ، و بعيدا عن العواطف
طبعا السلطات المغربية لديها عيونها هناك و لديها أصدقائها أيضا،و هي أكيد ستعمل على فك خيوط هذا العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف أبرياء عزل، و ستعرف بلا شك من يقف خلفه و من موله و من هندس و خطط له و ما هي أهدافه
حين يقول سائقٌ مغربي من الناجين من الهجوم إن “المسلحين الذين هاجمونا في مالي سحناتهم بيضاء” فهذا يعني أن أبناء مالي بريئُون من دم السائقين المغاربة المغدورين براءة الذئب من دم يوسف
لا أحد بشرته بيضاء في مالي سوى المتطرفين و الجهاديين العرب،و و هؤلاء استباحوا مالي منذ سنوات و دخلوها من دول الجوار لخدمة أجندات مختلفة في المنطقة،و بسبب الفلتان الأمني في المنطقة و ضعف القبضة الأمنية لدول مالي و النيجر و بوركينافاسو و تشاد ، تحولت المنطقة إلى طريق عبور لأعداد كبيرة من المهاجرين الذين يشقون طريقهم شمالا إلى القارة الأوروبية. كما أصبحت طريق عبور رئيسي للجهاديين و للأسلحة
الوضع الأمني في منطقة الساحل و الصحراء معقد و متشابك،حيث تنشط الكثير من التنظيمات المرتبطة بالقاعدة و داعش و أخرى تنافسهما على الإرهاب،و تنشط أيضا تنظيمات متطرفة محلية تسعى لفرض سيطرتها الاقتصادية و السياسية في المنطقة تمهيدا للانفصال و دفع حكومة باماكو لتقديم تنازلات لها
الإعتداء الإرهابي الذي تعرضت له الشاحنات المغربية ،نُفذَ قرب بلدة ديديني، و هي بلدة جنوب مالي تتبع منطقة كوليكورو و قريبة من الحدود الموريتانية الجنوبية، و هي أيضا تتبع منطقة كوالا
و لمن لا يعرف كوالا فهي المنطقة نفسها التي اختُطف منها ثلاثة صينيين وموريتانيان يعملون في شركات بناء، بالقرب من الحدود المالية مع موريتانيا، شهر يوليو الماضي
حين نلقي نظرة على الخريطة سنجد أن المنطقة التي خطف منها العمال الصينيين و الموريتانيين هي نفسها التي هوجمت فيها الشاحنات المغربية، و هذه المنطقة تخضع لسيطرة جبهة تحرير ماسينا،هي الآمر و الناهي فيها،و لا يمكن لذبابة أن تتحرك هناك دون ضوء أخضر منها،و كانت مرارا هدفا للغارات الجوية الفرنسية
جبهة تحرير ماسينا هي تنظيم سلفي متطرف يتبنى استراتيجية تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الذي كشفت رسائل لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون رفعت الولايات المتحدة السرية عنها، وجود علاقة بينه و بين المخابرات الجزائرية
و جبهة تحرير ناسينا تعمل أيضا مع جماعة أنصار الدين التي يتزعمها من يوصف ب”رجل الجزائر” إياد أغ غالي، شخصية بارزة في الحركة الشعبية لتحرير أزواد قالت عنه صحيفة “لوموند” إنه يحظى بحماية الجزائر و يقيم في بلدة تين زواتين إحدى بلديات ولاية تمنراست ، على الحدود مع مالي مع عائلته، وشارك في المفاوضات التي رعتها الجزائر بين الحركة وحكومة باماكو في التسعينيات
المسلحون الذين هاجموا الشاحنات المغربية اكتفوا بإطلاق النار عليها واغتيال السائقين و لاذوا بالفرار،و لم يسرقوا منها أي شيء،أي أن الاعتداء لم ينفذه لصوص و لا سراق و لا قطاع طرق،بل نفذه متطرفون مرتزقة كلفوا بتنفيذ المهمة،لإخافة باقي السائقين و جعلهم يوقفون نشاطهم المهني و التجاري نحو افريقيا، و بالتالي ضرب عصب تجاري مغربي حيوي في القارة السمراء
نحن أمام اعتداء إرهابي بالوكالة ضد المصالح المغربية في ظرفية غير عادية،بمعنى هناك رسالة أرادت جهة ما أن توصلها إلى المغرب و أوصلتها عن طريق وكلائها في المنطقة