جبهة البوليساريوأذعنت للسلام مرغمة بعدما هللت للحرب مندفعة.
فجأة أعلنت قيادة البوليساريو حربا من جهة واحدة ، أطلقت الشعارات الرنانة والبلاغات النارية، عبأت الساكنة و استقوت عليهم باسم الحرب المزعومة وأدرجتهم قسرا في عملية غسل دماغ جديدة، عملية انكشفت سريعا من طرف الصحراويين الذين فطنوا لألاعيبها، فخرجت برواية الشهداء والاسطوانة العاطفية حتى تتمكن من السيطرة على الوضع وترويض المشككين وتخوين المنتقدين.
وكما أعلنت الحرب فجأة ، خرجت القيادة مرة أخرى فجأة معلنة عن دعمها لمخرجات اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي، مع تأكيد رغبتها في السلم و الدخول في مفاوضات مع المغرب، المغرب الذي تعامل برزانة لافتة مع ترهات البوليساريو جعلتها في حيص بيص ، حائرة تائهة لا تعرف ما تقول ولا ما تفعل .
قيادة جبهة البوليساريو ظلت تبحث جاهدة عن مخرج يحفظ ماء وجهها ، وينتشلها من الحضيض والوحل السياسي الذي غرقت فيه ، وتلطخ بسببه ما بقي لها من سمعة إن كان تبقى منها شيء، ورغم محاولات الانعاش الجزائرية لجبهة البوليساريو ، ومدها بكل مقومات التنفس الاصطناعي لإنقاذها من الاختناق الذي عانت منه بعد 13 نونبر الماضي ، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل .
أخيرا ظهر اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي، وقراره الضعيف والمتردد والمتأخر عن موعده بأيام طويلة طلبا لمساهمة الجميع فيه ، وضمانا للتراضي في مخرجاته، وهو القرار الذي عضت عليه جبهة البوليساريو بالنواجد ، وتشبثت بنقطة فريدة منه دون باقي النقط ، واستنجدت بالمادة 4 من دستور الاتحاد الافريقي، ليس حبا فيها ، أو حرصا منها واستعدادا للسلام ، بقدر ما هي محاولة يائسة في بحر طويل عريض لركوب لوح خشبي متحطم لا يهم أين يرسوا ، بقدر ما يهم أن يبقيها بعيدا عن الغرق.
الكلمة الفيصل كانت ولا تزال للمملكة المغربية، فهي الخصم والحكم، وهي القادرة على إنقاذ جبهة البوليساريو من الغرق والموت، والأكيد أن المملكة المغربية التي رأت في إعلان حرب البوليساريو صبيانية ، لن تهتم بسلام مبني على حرب غير موجودة أصلا بالنسبة إليها، ولن تعيش فيلما مصطنعا لسلام مفبرك أخرجته أيادي إفريقية بإيعاز من أطراف معادية، لتنقذ حركة مسلحة تحاول تلك الأطراف إلباسها بأي شكل ثوب العضوية بالإتحاد الافريقي ، رغم أنها أصغر من ذلك بكثير ، والأكيد لن يكون لا اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي، وهو ” الحدث غير ذي شأن ” كما وصفه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ، أو أية آلية إفريقية أخرى وسيلة لإنقاذ جبهة البوليساريو من ورطتها ، ولا سببا أو حجة لتغيير وضع صامد وثابت بإقليم الصحراء لا يتزحزح، وعلى قيادة البوليساريو أن تستمر في ركوب لوح الخشب المكسور إلى حين إيجاد من ينقذها ويحفظ ماء وجهها ، فكما يقال : على نفسها جنت براقش .