البيان الختامي للدورة العادية للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية
الرباط، الأحد 10 جمادى الآخرة 1442هـ، الموافق لـ 24 يناير 2021م انعقدت بحمد الله وحسن توفيقه، عبر تقنية التناظر عن بعد، يومي السبت والأحد 10 و11 جمادى الآخرة 1442هـ، الموافق لـ 23 و24 يناير2021م، الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب.
وقد سبق وانعقدت يومي السبت والأحد 09 و10 يناير 2021 اللجان الأربع الدائمة للمجلس لتقديم ومناقشة أوراق الدورة واقتراح التوصيات والقرارات بشأنها.
وقد انطلقت الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة بكلمة الأخ رئيس المجلس الوطني الدكتور ادريس الأزمي الادريسي ذكر فيها بالظروف الاستثنائية التي تنعقد فيها هذه الدورة، وذكر بأهم الأحداث التي ميزت السنة المنصرمة وأبرزها التقدم الكبير الذي حققته بلادنا على مستوى قضيتنا الوطنية الأولى، منوها أن ما تم تحقيقه يشكل نصرا استراتيجيا وحاسما وأن افتخارنا واعتزازانا بهذا النصر التاريخي الكبير لا يعادله إلا ثباتنا على مواقفنا المبدئية الراسخة لنصرة القضية الفلسطينية ودعمنا اللامشروط لكفاح الشعب الفلسطيني البطل ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم من أجل الحرية وجلاء الاحتلال وحق العودة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما ذكر بمختلف الاستحقاقات التي تنتظر بلادنا والتي تتطلب منا جميعا كدولة وكمجتمع ترسيخ أجواء الثقة وتجنيب بلادنا كل ما من شأنه أن يشوش على المسار الديمقراطي والحقوقي مستلهمين روح الإنصاف والمصالحة وتثبيت الاختيار الديمقراطي واحترام الإرادة الشعبية.
كما تميزت الجلسة الافتتاحية بالتقرير السياسي الهام الذي تقدم به الأخ الأمين العام الدكتور سعد الدين العثماني والذي توقف فيه عند السياقات الدولية والإقليمية الحبلى بتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية محكومة في عمومها بتداعيات جائحة كوفيد 19.
كما ذكر بالسياق الوطني الذي تهيمن عليه تحولات كبرى ذات طبيعة استراتيجية، خاصة على صعيد قضية وحدتنا الترابية بعد الإعلان الرئاسي الأمريكي القاضي بالاعتراف بالسيادة المغربية على كامل تراب أقاليمنا الصحراوية، مع ما سبق هذا الحدث ورافقه من تأمين لمعبر الكركرات وإقبال العديد من الدول الشقيقة والصديقة على فتح تمثيليات دبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة.
وتوقف الأخ الأمين العام عند القضية الفلسطينية منوها بوحدة الموقف الفلسطيني وصموده تجاه صفقة القرن وفي مواجهة العدوان الصهيوني على الحقوق الوطنية الفلسطينية، مؤكدا على الموقف المبدئي للحزب من القضية الفلسطينية وهو موقف ثابت لم يتغير ولن يتغير، وهو الدعم المستمر للشعب الفلسطيني، والتأكيد المستمر المتواصل على حقه في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وعلى حق العودة ورفض الانتهاكات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي من هدم للبيوت وتجريف الأراضي وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على حرمات المسجد الأقصى.
بعد ذلك وطبقا للمادة 49 من اللائحة الداخلية للمجلس أحاط رئيس المجلس أعضاء المجلس بالمراسلات الواردة على المكتب وبالقرارات المتخذة بشأنها، ثم قدمت الأمانة العامة تقريرا حول تفعيل توصيات وقرارات الدورة السابقة للمجلس الوطني؛ وتقرير أداء الحزب برسم سنة 2020؛ وتقرير تنفيذ ميزانية الحزب برسم سنة 2020؛ وتقرير لجنة مراقبة مالية الحزب.
وبعد تقديم هذه التقارير، تم تخصيص حصتين للمناقشة العامة تميزت كل منهما بمناقشة سياسية عميقة ومستفيضة تدخل خلالها أزيد من 140 من أعضاء المجلس الوطني.وخلال يوم الأحد، واصل المجلس الوطني أشغاله باستكمال المناقشة العامة والتداول والمصادقة على توصيات وقرارات اللجان الدائمة؛ وبرنامج الحزب لسنة 2021؛ وميزانية الحزب لسنة 2021؛ وتعديل النظام المالي للحزب؛ ولم يصادق المجلس بالأغلبية على طلبات عقد مؤتمر استثنائي للحزب التي تقدم بها بعض أعضاء المجلس الوطني طبقا للمادة 20 من لائحته الداخلية.
كما صادق المجلس بالأغلبية على انتخاب الأخ عبد الله بووانو رئيسا للجنة الأنظمة والمساطر بالمجلس الوطني.وفي ختام أشغال هذه الدورة يعبر أعضاء المجلس الوطني عن المواقف التالية :
– يجدد الحزب التأكيد على مواقفه الراسخة وانخراطه الدائم وراء جلالة الملك حفظه الله للدفاع على الوحدة الوطنية والترابية للمملكة وسيادتها على الصحراء المغربية، كما يؤكد المجلس الوطني على انخراطه الكامل في التعبئة الوطنية ويدعو مناضليه وعموم المواطنين إلى إبداع المزيد من المبادرات للترافع والدفاع عن القضية الوطنية التي تستمد عدالتها ومشروعيتها من الحق التاريخي والقانوني والسياسي، ومن رباط البيعة الشرعية التي تربط الأقاليم الجنوبية بالمؤسسة الملكية، ويعتز بالانتصارات الكبيرة التي يحققها المغرب اليوم، بقيادة جلالة الملك والتي تأتي كتتويج للتضحيات التي قدمها المغاربة من أرواحهم ودمائهم في ساحة الشرف والبطولة والتي لازالت شاهدة على الملاحم التي قدمتها وتقدمها القوات المسلحة الملكية ضد خصوم وحدتنا الوطنية والترابية؛
– يثمن الحزب الجهود المبذولة من قبل الحكومة في مواجهة جائحة كورونا، ويحيي مبادراتها المتنوعة للتصدي لتداعياتها المختلفة ويحيي في هذا السياق الأطر الطبية والتمريضية والإدارية ورجال ونساء القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية ورجال ونساء التعليم وعمال النظافة وكافة المؤسسات المنتخبة والسلطات المحلية، كما يحيي المواطنين والمواطنات الذين عبروا خلال هذه الجائحة عن منسوب عال من التضحية والتضامن والتآزر والتعاون؛
– ينوه المجلس الوطني بالحملة الوطنية الرقمية والميدانية التي نظمها الحزب تحت شعار ” نحمي بلادي وحبابي”، والتي عبر فيها مناضلو الحزب على مستوى عال من المسؤولية والوطنية والجاهزية والتعبئة والانخراط في المجهود الوطني استجابة للنداء الملكي الوارد في خطاب 20 غشت؛
– يؤكد المجلس الوطني دعمه للحكومة وينوه بالعمل الحكومي بقيادة الدكتور سعد الدين العثماني ويدعوها إلى مواصلة أوراش الإصلاح السياسية والاجتماعية والاقتصادية خاصة بعد التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ويدعوها إلى الإسراع بإخراج القوانين والمراسيم المتعلقة بتعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإلى بذل المزيد من الجهود من أجل التواصل وتعبئة الرأي العام الوطني حول هذه الأوراش ومختلف البرامج التنموية المقررة عبر تراب المملكة؛
– كما ينوه المجلس بالأداء المتميز لفريقي الحزب بمجلس النواب ومجلس المستشارين، وما يطبع عملهما من جدية والتزام وعمل متواصل وحرص على المصلحة العامة، ويدعوهما للعمل من أجل تجويد العمل التشريعي، والرقي بالعمل الرقابي، والمزيد من التواصل المستمر مع المواطنين،كما ينوه المجلس بالعمل الدؤوب لرؤساء ومنتخبي الحزب على مستوى الجماعات الترابية والمقاطعات والغرف المهنية التي يسيرها الحزب أو يشارك في تسييرها بالتعاون مع مختلف الفرقاء السياسيين، أو يقوم بوظيفة المعارضة فيها، داعيا منتخبي الحزب أن يستمروا في عملهم وما يقومون به خدمة للمواطنين وليبقى هدفهم الأسمى الحرص على المصلحة العامة، وحفظ المال العام، والتعاون مع مختلف الفاعلين والشركاء؛
– يعبر أعضاء المجلس الوطني عن إدانتهم لحملات التشهير والمس بالحياة الخاصة للأفراد واستهداف شخصيات عمومية ومناضلين سياسيين وحقوقيين في انتهاك واضح للحريات الفردية ومس فج بحقوق الأفراد ومعطياتهم الخاصة، وهي حملات تقودها بعض المواقع والجرائد وصفحات التواصل الاجتماعي التي أصبحت متخصصة في ترويج الإشاعات والأخبار الزائفة، وهو ما ينبغي التصدي له بقوة القانون وبتشجيع الإعلام والصحافة الحرة والمستقلة لما يشكله من تشويش على التراكمات ومسار الحقوق والحريات ببلادنا.
– كما يدعو المجلس الوطني إلى إطلاق مبادرة سياسية لمزيد من تعزيز مناخ الثقة وتوفير الأجواء المناسبة لبث نفس سياسي وحقوقي جديد يرمي إلى إيجاد الصيغة المناسبة لإطلاق سراح المحكومين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين المعتقلين، باستحضار روح الإنصاف والمصالحة، والمبادرات الملكية التي تُعمل حق العفو، والتي شملت بعضا منهم خلال المرحلة الأخيرة؛
– وفِي هذا السياق يجدد المجلس تضامنه المطلق مع الأخ نائب رئيس المجلس الوطني الدكتور عبد العلي حامي الدين إزاء المتابعة الظالمة الجارية في حقه منذ ثلاث سنوات، وذلك لأغراض سياسية مكشوفة، وإذ يؤكد المجلس على ثقته الكاملة في القضاء واحترامه المطلق لاستقلال السلطة القضائية، ينبه إلى خطورة إعادة فتح ملف قضائي بخصوص وقائع، تعود لأزيد من ربع قرن، سبق للقضاء أن أصدر بشأنها أحكاما نهائية مستوفية لجميع درجات التقاضي ومكتسبة لقوة الشيء المقضي به، مما يشكل سابقة تهدد استقرار وسيادة الأحكام القضائية وتمس بالأمن القضائي؛
– يسجل المجلس الوطني قلقه بشأن بعض المقترحات التي ترمي إلى التراجع الحاصل على عدد من المكاسب الديمقراطية المرتبطة بالقوانين الانتخابية من قبيل إلغاء العتبة أو تقليص حالات اعتماد النظام اللائحي أو تغيير أساس احتساب القاسم الانتخابي، وهي مناسبة للتأكيد على مواقف الحزب التي سبق التعبير عنها في عدة مناسبات برفضه لهذا التراجع، وعلى أن مراجعة القوانين الانتخابية يجب أن تكون مناسبة لتعزيز الاختيار الديمقراطي وصيانة المكتسبات المحققة في هذا المجال، وتفعيل تمثيلية مغاربة العالم مشاركة وترشيحا وتصويتا؛
– يعبر المجلس الوطني عن استهجانه لبعض العقليات الإدارية المعرقلة للتدبير المحلي، والمحكومة بثقافة متجاوزة، لم تنخرط بعد في روح دستور 2011 ولم تتشبع بمقتضيات القوانين التنظيمية الجديدة وعلى رأسها مبدأ التدبير الحر الذي يعتبر مبدأ دستوريا راسخا، ويجدد المجلس عزم مؤسسات الحزب على الاستمرار في النضال ضد الفساد والاستبداد وتشبت أعضائه بمواصلة أداء مهامهم السياسية والتمثيلية على أفضل الوجوه الممكنة رغم حجم الإكراهات والتحديات، وفي مواجهة حملات التبخيس والتشويش، داعين الجميع إلى ضرورة التعاطي مع الانتظارات والمطالب الاجتماعية بمنطق التعاون والحكمة والإنصات، بما يدعم الثقة والاستقرار السياسي والاجتماعي اللازمين لكل عملية تنموية حقيقية؛
– يقف المجلس الوطني بكل فخر وإجلال أمام صمود الشعب الفلسطيني البطل وما يقدمه من تضحيات أمام همجية قوات الاحتلال الصهيوني، وينوه عاليا بما يقوم به جلالة الملك حفظه الله ونصره، رئيس لجنة القدس، باسم كافة المغاربة، من مبادرات وإجراءات عملية لتقديم النصرة والعون للفلسطينيين وللقضية الفلسطيني ولدعم القدس والأقصى، وهو الأمر الذي يحظى بالشكر والتقدير والاعتراف من كافة مكونات الشعب الفلسطيني البطل.
– يذكر المجلس ويؤكد على مواقف الحزب المبدئية الثابتة والراسخة ودعمه اللامشروط ومساندته القوية لكفاح الشعب الفلسطيني البطل ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم من أجل الحرية وجلاء الاحتلال وحق العودة واسترجاع حقوقه غير القابلة للتصرف وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما يجدد المجلس تأكيده على إدانة الحزب ورفضه المطلق لما سمي بصفقة القرن وينبه لمخاطر الاختراق التطبيعي على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادنا؛
– يدعو المجلس في الأخير أعضاء الحزب ومتعاطفيه إلى استحضار وتعزيز روابط الأخوة التي تتجاوز الروابط التنظيمية العادية وتمتين الصف الداخلي، كما يدعو أعضاءه إلى المزيد من الصبر والثبات، والصمود أمام حملات التبخيس والتيئيس، والمزيد من الإنصات لنبض الشارع والتجاوب المستمر مع قضايا المواطنين والمواطنات، والتفاعل مع الأحداث والوقائع وفق مبادرات تواصلية فعالة، والتعريف بالحصيلة المشرفة للحزب رغم صعوبة الظروف المؤسساتية والسياسية التي تشتغل في ظله المؤسسات التمثيلية المنتخبة؛- ويؤكد المجلس الوطني على أهمية إعداد تصور متكامل لتدبير المرحلة المقبلة من خلال تفكير جماعي هادئ ورصين، يقيم المرحلة السابقة ويستشرف المرحلة اللاحقة بناء على عرض سياسي متكامل يجيب عن الاسئلة الحقيقية استعدادا للمؤتمر الوطني القادم للحزب.وحرر بالرباط: الأحد 10 جمادى الآخرة 1442هـ، الموافق لـ 24 يناير 2021م.
ادريس الازمي الادريسي
رئيس المجلس الوطني