بقلم عزيز ايت عقا – منشور توضيحي بخصوص حادث وفاة السيدة زهرة قصو بعد ولادة طبيعية بمستوصف سكورة بولمان
بصفتي من أفراد العائلة الكبيرة للمرحومة (أخو زوجها)، وبصفتي شاهد على ما جرى منذ اللحظات الأولى. أقدم تصريحي هذا من أجل التوضيح للأصدقاء وأبناء سكورة الذين يسألون عما جرى، وكذلك من باب المسؤولية الملقاة على عاتقي تجاه هذه السيدة وزوجها وأيتامها المكلومين وثم من باب المسؤولية تجاه هذه البلدة التي أنتمي إليها والتي تعاني في صمت من مشاكل كبيرة على كل الأصعدة وعلى رأسها الصحة العمومية.
• لم تكن المرحومة تعاني من أية أمراض أو مشاكل صحية ولها أربعة أبناء آخرين ولدو ولادة طبيعية بدون أية صعوبة (إبن 10 سنين، وثلاث بنات أكبرهم سنا تبلغ من العمر 12 سنة)
• تمت الولادة الأخيرة بشكل طبيعي بدون عملية جراحية على الساعة 19.05 من يوم الإثنين 15 يونيو 2020، والمولود كان بصحة جيدة ولايزال.
• بعد الولادة بلحظات، بدأت المرحومة تشعر بالعياء ومدّتها أختها بشيء من الطعام والماء إلى أن الإرهاق بقي ظاهرا على وجهها وعجزت عن النهوض من أجل العودة إلى البيت.
• عندما كانت تحاول النهوض بمساعدة الممرضة وأختها وأخوات زوجها أحست بعياء شديد وسقطت فوق سريرها وأخبرتهم أنها لن تقوى على فعل أي شيء وأن الأمور ليست على ما يرام.
• في هذه اللحظات، استدعت القابلة ممرضتين أخريين وأفرغوا الغرفة من أفراد العائلة، وكل ما كنا نسمعه بعد ذلك هو صراخها الذي كان يسمع من بعيد. لم نفهم لماذا كانت تصرخ بهذه الطريقة وما الذي كن يصنعنه فيها؟
• خرجت الممرضة وأخبرت الزوج وأفراد العائلة أن حالتها تتعقد، واتصلت بالسيد القائد من أجل إحضار سيارة إسعاف.
• حضر السيد القائد وبدأ يتصل بباشا بولمان للحصول على سيارة إسعاف. لأن سيارة الإسعاف كانت خارج سكورة، وسيارة الإسعاف الثانية معطلة منذ مدة طويلة!
• بعد ذلك بدأ الكر والفر في المستوصف، تخرج الممرضات والقابلة وتدخلن في هلع، ولم نفهم ما الذي يحدث سوى أننا شاهدنا دمها في الأرض وعلى أيدي ولباس الممرضات واستمر الصراخ حتى بدأ يختفي تدريجا.
• استمر الأمر على ما هو عليه في انتظار سيارة الإسعاف القادمة من بولمان لمدة لا تقل عن ساعة كاملة.
• خرجت الطبيبة أخيرا من منزلها الذي يبعد بضع خطوات عن المستشفى بعد استدعائها من طرف القائد في الهاتف، إلا أنها لم تقدم أية مساعدة واكتفت بالقيام باتصالات هاتفية متكررة.
• عند وصول سيارة الإسعاف على الساعة 23.35 ليلا، بادر الإسعافي وزوجها إلى حملها ووضعها على سرير سيارة الإسعاف وإدخالها السيارة إلا أن هذه العملية تمت بصعوبة كبيرة زادت من تأزيم الوضع لدى المريضة وبدى على تعابير وجهها أنها كانت في قمة الألم وأنه قد فتحت كل جراحها.
• صعدنا سيارة الإسعاف وكنا 4 أشخاص (أنا وزوجها وممرضتين)، كانت الممرضتين مع المريضة إلا أنه بعد أن قطعنا مسافة 20 كلم تقريبا، أوقفن السائق وطلبن منه الإيتاء بهن إلى المقاعد الأمامية وتركننا مع المريضة بدافع أنهن لم تقويا على الطريق بسبب الدوار والغثيان.
• صعدتُ بجانب المريضة مستغربا من أمر هاتين الممرضتين اللتان تركتا مريضة على فراش الموت بسيارة الاسعاف. ومسكت بيدها التي كانت باردة جدا وكنت أرى في وجهها صفرة وبيضة توحي بانقضاء الدم من عروقها ومع ذلك كانت لا تزال تقاوم الموت.
• كنت أطلب منها الصمود من حين لآخر إلا أن قواها كانت تخور شيئا فشيئا وكانت تطلب مني إمدادها بشيء من الماء. وكانت تغثو في كل مرة وأمسح عن وجهها.
• ضلت تقاوم حتى بلغنا فاس بعد مشقة أنفس. وفي كل اهتزاز للسيارة بسبب الحفر في الطريق كانت تتألم بشدة وتصرح لخالقها.
• دخلنا للمستشفى الجامعي CHU بفاس وبعد مرورنا على Gynécologue أمددتنا بورقة مكتوب عليها Cas non suspect وذهبنا بها لمصلحة (وأي مصلحة!) الولادة (الأمومة). قمنا بإخراجها من السيارة وأدخلها المسعف رفقة الطبيبة المستقبلة إلى الداخل فيما دفعنا حراس الباب بعيدا صارخين في وجوهنا ابقوا في الخارج لا أحد من حقه الدخول.
• بقينا ننتظر قرابة الباب طيلة ما تبقى من ليلة ذلك اليوم وفي كل مرة كنا نطلب من الحراس إخبارنا بأي شيء عنها إلا أنهم كانوا يرفضون ويقولون إنه سيتم استدعائنا عند خروج الأطباء من الإنعاش.
• بقي الأمر على حاله حتى الصباح على الساعة 9.00 وفي كل مرة كنا نقابل بالصراخ في أوجهنا وبالألفاظ النابية من طرف حراس المستشفى وأي حراس؟ حراس السجن أكثر إنسانية وأخلاقا منهم.
• بقي زوجها المكلوم ينتظر حتى الساعة 13.00 وبعد محاولات متكررة للصعود إلى المستشفى للبحث عن زوجته، وجد أخيرا الطبيب الذي كان ينعشها حيث أخبره أن زوجته قد توفيت بعد وصولها بمدة قصيرة، أخبره كذلك أنه كان بصدد إجراء عملية لها لاستخراج ما تبقى من المشيمة داخل رحمها إلا أنها كانت بالفعل قد بلغت مرحلة متقدمة جدا من الخطر وجهز النزيف على جسمها وفارقت الحياة.
• بعد ذلك قاموا باستخراج جثتها ووضعها في صندوق ومدوا الزوج بورقة مكتوب عليها أن سبب الوفاة كان Choque hémorragique sur à un hémorragie de délivrance ودفنت على الساعة التاسعة ليلا بتادوت.
لا حول ولا قوة إلا بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون