بعد فتح الحدود الأوروبية ثلاثة سيناريوهات للتنقل بين المناطق الإيطالية تؤرق الحكومة

تستعد إيطاليا لإعادة فتح الحدود بين أقاليمها ، في الثالث من يونيو القادم ، في إطار رفع الحظر المفروض بسبب وباء كورونا ، وذلك وسط مواقف متباينة لرؤساء المناطق الشمالية والجنوبية، ووجود ثلاثة سيناريوهات للتنقل بين هذه المناطق تؤرق الحكومة .

فرغم أن الأرقام بشأن الوضع الوبائي مشجعة وتبشر بإمكانية فتح الحدود لإعادة إنعاش السياحة الداخلية، فإن الحكومة تجد صعوبة في إقناع حكام الأقاليم الجنوبية بضرورة السماح باستقبال مواطنين من شمال إيطاليا دون تمييز أو قيود .

ففي مقال بعنوان “هل سيكون السياح الأجانب أكثر حرية من الإيطاليين؟”، كتبت صحيفة “إلفاتوكوتيديانو” أن المعاملة غير المتكافئة بين المقيمين في إيطاليا وبين أولئك القادمين من الخارج ، من بينهم السياح ، تمثل واحدة من أكثر القضايا الشائكة التي يتعين على الحكومة معالجتها عند اتخاذ قرار السماح بالتنقل بين الأقاليم ابتداء من ثالث يونيو القادم .

وأبرزت اليومية أن المرسوم المتعلق بالتنقل من إقليم إلى آخر في إطار المرحلة الجديدة من حالة الطوارئ، لا يفرض أي تدابير لمراقبة وتعقب الزوار القادمين من دول منطقة شنغن ،كما أنه لا ينص على فرض أي نوع من القيود على تنقلهم بين الأقاليم الإيطالية، وفي المقابل يشترط رؤساء مناطق الجنوب فرض قيود على المواطنين الإيطاليين القادمين من المناطق الشمالية التي شهدت أكبر عدد من الإصابات بوباء كورونا .

ويصر كريستيان سوليناس ،حاكم سردينيا (جنوب ) على تقديم الإيطاليين القادمين من المناطق الشمالية والراغبين في دخول الجزيرة، التي لم تسجل منذ أيام إي إصابة جديدة بوباء كوفيد-19 ، لشهادة تؤكد خلوهم من الفيروس ، ما أثار استهجان نظرائه في هذه المناطق .

أما رئيس مجلس جزيرة صقلية ، نيلوموسوميتشي ، فطلب من الحكومة تأجيل إعادة فتح حدود الجزيرة إلى الثامن من يونيو المقبل، كما طلب رئيس إقليم كالابريا ، جولي سانتيلي ، فرض تدابير مشددة على المواطنين القادمين من المناطق التي لاتزال تسجل أعلى نسبة من الإصابة بالعدوى.

ووفق تقرير صدر أمس الخميس عن مؤسسة الأبحاث العلمية (جيمبي) حول الوضعية الوبائية في إيطاليا فإن أقاليم في شمال البلاد، من بينها لومبارديا وليغوريا وبييمونتي ، ليست جاهزة بما يكفي لإعادة فتح حدودها في الثالث من يونيو المقبل، لأنها لازالت تسجل زيادة في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، وهو ما دفع المسؤولين المحليين في لومبارديا إلى التفكير في مقاضاة هذه المؤسسة.

وبحسب مؤسسة (جيمبي) فإن نسبة الحالات الإيجابية في خمس مناطق أعلى من المتوسط الوطني (2.4 في المائة)، إذ تصل في لومبارديا إلى (6 في المائة) وليغوريا (5.8 في المائة) وبيمونتي ( 3.8 في المائة) وبوليا (3.7 في المائة) وإميليا رومانيا (2.7 في المائة).

فبعد 23 يومًا من تخفيف قيود العزل في إيطاليا، ترى المؤسسة أن منحنى العدوى “ليس تحت السيطرة الكافية ” في لومبارديا وليغوريا وبييمونتي.

تطورات الوضع الوبائي تربك حسابات الحكومة وتضعها أمام ثلاثة سيناريوهات يتمثل أولها في إعادة فتح الحدود الإقليمية والسماح بالتنقل في جميع أنحاء إيطاليا مع قبول قرار المناطق الجنوبية بوضع من يصلون من مناطق ،ترتفع فيها نسبة العدوى ،تحت الحجر الصحي. أما السيناريو الثاني فهو الإبقاء على قيود حظر التنقل فقط في المناطق الثلاث التي تسجل أكبر زيادة في الإصابات مع إتاحة خيار السماح بالتنقل فيما بينها،فيما يقضي السيناريو الثالث بتمديد حظر عدم التنقل بين الأقاليم دون استثناءات .

ويقول مسؤولون إيطاليون إن القرار الرسمي بشأن السماح بحرية التنقل بين الأقاليم ابتداء من يوم الأربعاء القادم سيعلن عنه غدا السبت خلال اجتماع بين السلطات المحلية وأعضاء الحكومة المعنيين بهذا الشأن والذي سيخصص لتدارس البيانات المتعلقة بالوضعية الوبائية في كل إقليم على حدة ليتم في ضوئها الحسم في تاريخ إعادة فتح الحدود الإقليمية.

وفي سياق متصل نقلت صحيفة “لاريبوبليكا” عن حاكم إقليم لومبارديا ،أتيليو فونتانا ، تأكيده بأنه “على يقين بأن القرار الذي ستعلن عنه الحكومة غدا سيسمح للومبارديين بالتنقل بكل حرية في جميع أنحاء إيطاليا اعتبارا من 3 يونيو القادم” .

واعتبرت الصحيفة أن فونتانا يستبق قرار الحكومة ويعرض على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك” بشكل غير مباشر ما يلاءم مصالح لومبارديا الاقتصادية فيما يخص السفر من منطقة إلى أخرى داخل إيطاليا.

ولا يقتصر اتخاذ قرار التنقل بين الأقاليم ، على وزارتي الداخلية والسياحة فحسب، بل تنخرط فيه، أيضا، وزارة الصحة والمجلس العلمي الأعلى لمكافحة الأوبئة ، حيث يسهر المسؤولون على وضع الضوابط والإجراءات الصارمة التي تضمن سلامة السياح الداخليين والأجانب على حد سواء؛ بفرض قواعد التباعد الاجتماعي والتعقيم والكاميرات الحرارية.

ويؤيد وزير الخارجية ، لويجي دي مايو ، مقترح ” إعادة فتح الحدود الإقليمية بشكل منسق دون معاقبة أي منطقة إيطالية”، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة تحليل بيانات الوضع الوبائي بشكل جيدً، ومراقبة تطورات العدوى.

وهكذا، فإن إعادة فتح الحدود الإقليمية مع تجنب عودة ظهور الوباء من جديد، يشكل توازنا صعبا بالنسبة للحكومة ، التي تجد صعوبة في اتخاذ موقف يحظى بموافقة الجميع بشأن التنقل بحرية بين الأقاليم الإيطالية.

و.م.ع

About محمد الفاسي