انطلق “عبد الرحمان الادريسي” خطيب الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بعين الشكاك/اقليم صفرو، من قوله تعالى في سورة العصر : ” والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” .
وقال الخطيب أن هذه السورة جمة وكثيرة في المعاني، ولذلك قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى، لو ما أنزل الله على الناس إلا هذه الآية (أي سورة العصر) حجة لا تواتم، لتكفيهم لما فيها من بلاغات، وذُكِر أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذا ، وذلك بعد ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن يسلم عمرو فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة ؟ قال لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة.
وتأمل حكمة القرآن لما قال “إنَّ الإنسان لَفي خُسْرٍ” فإنه ضيق الاستثناء وخصصه فقال “إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وتَواصَوْا بِالحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ”.
والتواصي بالحق يدخل فيه الحق الذي يجب
والحق الذي يستحب والصبر يدخل فيه الصبر الذي يجب والصبر الذي يستحب فهؤلاء إذا
تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر حصل لهم من الربح ما خسره أولئك الذين قاموا بما يجب
عليهم في أنفسهم ولم يأمروا غيرهم به وإن كان أولئك لم يكونوا من الذين خسروا
أنفسهم وأهليهم فمطلق الخسار شيء والخسار المطلق شيء وهو سبحانه إنما قال “إن
الإنسان لفي خسر” ومن ربح في سلعة وخسر في غيرها قد يطلق عليه أنه في خسر
وأنه ذو خسر.
وتضمنت الآية جميع مراتب الكمال الإنساني من العلم النافع والعمل الصالح والإحسان إلى نفسه بذلك وإلى أخيه به وانقياده وقبوله لمن يأمره بذلك. وقوله تعالى ﴿وَتَواصَوْا بِالحَقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ إرشاد إلى منصب الإمامة في قوة الدين كقوله تعالى ﴿وَجَعَلْنا مِنهم أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ﴾ فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
والصبر نوعان نوع على المقدور كالمصائب، ونوع
على المشروع. وهذا النوع أيضا نوعان صبر
على الأوامر، وصبر عن النواهي. فذاك صبر على الإرادة والفعل،
وهذا صبر عن الإرادة والفعل.
فأما النوع الأول من الصبر فمشترك بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر لا يثاب عليه لمجرده إن لم يقترن به إيمان واختيار.
واستهل “الادريسي” الشطر الثاني من خطبة يومه الجمعة بالمسجد المذكور، من حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبي سعيد رضي الله عنه حيث قال : ” من رضي بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وجبت له الجنة”.
وأضاف ان الايمان له ذوق له طعم له حلاوة له متعة.. فاذا انشرح صدر المؤمن للاسلام تلذذ ذلك ولن يقدر على مفارقة ذلك..
وفي الختام، تضرع الخطيب إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وبأن يجعل كل مبادراته أعمال خير وبركة على البلاد والعباد، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبأن يحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.