أجمع باحثون مختصون في تتبع فنون الصناعة التقليدية بالمغرب خلال ندوة مبرمجة في إطار النسخة الأولى من المعرض الوطني للجلد ، الجارية حاليا بفاس ، على أهمية الحرف التقليدية التي ارتبطت بالجلد بكل من الحاضرة الإدريسية ومدينة مكناس، والتي تعود – حسب تقديرهم – إلى قرون قبل الميلاد.
وأبرز المتدخلون في الندوة حول “تاريخ حرفة الجلد” الأدوار المهمة التي اضطلع بها ا الصناع التقليديون وعكسوها في أعمالهم بالإبداع والمهنية والحرفية بفضل تلاقح تجاربهم مع تجارب وفود من بلدان مختلفة إلى مدينتي فاس ومكناس، مؤكدين – استنادا لمصادر ومراجع تاريخية – أن الدباغة عرفت تطور كبيرا في القرن ال12 ميلادي في عهد الموحدين حيث وصل عدد دور الدباغة بفاس إلى 86 دارا.
وتابعوا أن الدباغة واصلت تألقها في العصر السعدي، قبل أن تزدهر في الوقت الحالي حيث تستقطب نحو 800 صانع تقليدي.
وتوقف مشاركون في الندوة عند الدور الإيجابي للمرأة الفاسية في معظم الصناعات الجلدية بداء من “طرز الشرابيل”، مما انعكس على هذه الصناعات ومنحها بصمة نسوية زادتها رونقا وبهاء وجمالا.
واعتبر محمد اللبار أستاذ التاريخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أن المملكة المغربية من أشهر البلدان المتوسطية التي عرفت بالصناعات التقليدية الجلدية والنسيجية وغيرها من الصناعات، مضيفا أن العاصمة العلمية “جمعت لوحدها كل ما تفرق في غيرها من الصنائع والحرف والفنون والأصالة والإبداع”.
وأضاف الباحث اللبار أن تاريخ الصناعة الجلدية بالمغرب يعود لحوالي 29 قرنا، حيث “تعد مدينة فاس الوريث الشرعي في مجال الدباغة في ما توارثه المغاربة عبر التاريخ في هذه الصناعة”.
وقال السيد علي زيان وهو صانع تقليدي وباحث جامعي في مجال التراث إن قطاع الدباغة سواء بمدينة فاس أو مكناس عرف تراجعا ملحوظا بمجرد دخول الاستعمار الفرنسي للمغرب مع بداية القرن العشرين وهو ما يعرف ب “أزمة الدباغين”، لجأت إبانها السلطات الحمائية إلى إغراق الأسواق بمنتوجات أوربية شكلت منافسة شرسة لـ منتوجات الصناعة التقليدية المغربية.
وتطرق الباحث زيان لدار الدبغ بمكناس المعروفة لدى العموم ب “دار الذهب”، مذكرا بأنها تعود إلى قرنين قبل الميلاد، مما جعل المدينة “مرجعا للدباغة”، وبأن هذه الدار بلغت أوجها في القرن ال17.
يشار إلى أن سلسلة من الندوات والورشات التكوينية تقام بالموازاة مع المعرض الوطني للجلد الذي تنظمه غرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس تحت شعار “قطاع الجلد آفاق اقتصادية واعدة”.
و.م.ع